للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تثبت للمقر له، لما ذكرناه، من أن جهة (١) ثبوت الوصية والدين الإقرارُ، والإقرار السابق يتضمن ثبوت الوصية بكمالها، وصاحب الوصية مكذِّب لصاحب الدين، فقدِّمت الوصية، ثم يصرف الثلثان إلى الدين.

ولو أقر بالدين أولاً، ثم أقر بالوصية، فالوصية مردودة، والدين متقدم؛ لأنه مقدم شرعاً، وقد قدّمه المقر ذكراً، وإنما التردد الذي ذكرناه فيه إذا أقر بهما معاً من غير فرض تقدم وتأخر، هذا ما ذكره الأصحاب.

ثم في المسألة بقيةٌ، وذلك أنا نقول: إذا قدم الإقرارَ بالوصية، ثم أقر بالدين، فقد ذكرنا أن الثلث بكماله يصرف إلى الوصية، فإذا أقر بالدين صرف الثلثان إلى الدين لمكان تأخر الإقرار به عن الإقرار بالوصية. ثم صاحب الدين يقول له: لو أقررت لي بالدين أولاً، لكنت أستحق تمام الألف، وإن أخرت الإقرار لي، وقدّمت عليّ الوصية صرتَ بتأخير إقراري مفوّتاً عليّ ثلث الألف، فاغرم لي ما انتقص من حقِّي.

هذا يخرج -فيما ذكره الشيخ أبو علي- على القولين المكررين في أن الإقرار إذا تضمن إيقاعَ حيلولة بين إنسان وبين حقه، فهل يجب على المقِر المنتسب إلى إيقاع الحيلولة ضمان؟ فيه القولان. ولو أراد التخلص منه، فينبغي أن يقدم ما يجب تقديمه، وهو الدين. وكذلك لو أقر بهما معاً، فيخرج القولان، ويلتزم على أحدهما لصاحب الدين تتمة الألف؛ من جهة أنه لو أقر بالدين أولاً، لوصل مستحِق الدين إلى كمال حقه، وليس لصاحب الوصية أن يطالب الوارث، ويقول: كان من حقك أن تقدم الإقرار بحقي، وإنما قلنا: لا يغرم للوصية شيئاً إذا أخر ذكر الوصية؛ فقد وضعها حيث وضعها الشرع، فلا يلزمه شيء، وإنما التزم لصاحب الدين على أحد الوجهين لتأخيره الإقرار، وكان حقه أن يقدمه، ويسعى في تنزيل الدين منزلته.

١٢٢٩٩ - ومما ذكره ابن الحداد من هذا القبيل أنه لو مات وخلف ابناً وارثاً دون غيره، فجاء عبد، وقال: أعتقني أبوك في مرضه، وهو ثلث ماله [فصدّقه] (٢)، فجاء


(١) سقطت من (ت ٥).
(٢) زيادة من المحقق اقتضاها السياق، وقد سقطت من النسختين.