للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من لم يخصص ذلك بهم، واعتبر هذا المستدرك بكل ما يستدرك فيما يُعلم ويُظن، وعبّر الأئمة عن هذا فقالوا: القيافة خاصَّة فيهم، أم هي علم يتعلم ثم يُحْكَم بطول الدُّربة، كالعلوم التعليمية والتجريبية؟ ثم تصرف العراقيون، فقالوا: لا شك أنهم يعتمدون أشباهاً جلية وخفية: الجليةُ كالخلق والصور، والخفية كالشمائل التي لا تنتظم فيها عبارة، ثم قالوا: إذا كانت القيافة علماً من العلوم مستنداً إلى أعلام، فلو ظهر للذي يُلحق بالشبه تشابه في الخلق الجلية مع شخصٍ، ومشابهة في الشمائل الخفية مع شخص، فيعتمد ظواهر الخلق، أو الشمائل الخفية؟ فعلى وجهين. [فأما] (١) من يعتمد المسلك الجلي، فتوجيهه بين، ومن يعتمد الشمائل فمعتمده أن الخلق لو كان عليها معول، لعم تشبه الولد بالوالد في الصورة، وليس كذلك، فأما الشمائل فلا بد من التشابه فيها في حق من يتفطن لها غالباً. والله أعلم.

ولا ينبغي عندنا أن ينتهي الفقيه إلى أن يتصرف في علم القيافة.

ومما نلحقه بذلك، أنا إذا جرّبنا القائف في مولود، فأصبناه مصيباً فيه، فلا نكرر عليه التجربة في كل مولود، وهذا كحكمنا بكون الكلب معلماً، إذا ثبت، لم نحتج إلى إعادة التجربة كل مرة، بل هو على حكم التعليم إلى أن يتبين خلافه.

هذا منتهى ما أردناه في صفات القائف.

١٢٣١٦ - فإذا وجدنا قائفاً على الشرط، فلا مَعْدل عنه. وإن لم نجد قائفاً، أو وجدناه فتحيرّ، أو جربناه فغلط، أو كان القائف غائباً -على ما سأصف الغيبة- فيقف الأمر، ونتوقف إلى أن يبلغ الطفل ونأمره بالانتساب.

ثم الذي فهمته من كلام الأصحاب أن هذا المولود يعتمد ميلَ نفسه وحنينها، معتقداً أن النفوس مجبولة على الميل إلى الوالدين، وليس له أن يختار واحداً عن وفاق، هذا ما وجدته. حتى قال شيخي: لو امتنع بعد البلوغ عن الاختيار، حبسه القاضي.


(١) في الأصل: " وأما ". والمثبت من (ت ٥).