للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن وصف المدعي الحالَ ونوعّ الدعوى، فقال: عليك عشرة من كذا، أو خمسةٌ من كذا، أو منٌّ مِنْ كذا، أو القيمةُ إن أتلفت، فهل تقبل الدعوة مميّلة (١) على هذه الصيغة؟ اختلف أصحابنا في المسألة، فمنهم من قبلها، وحلّف المدعى عليه على جميعها، قال القاضي: اصطلح القضاة على سماع هذه الدعوى. فمن أصحابنا من قال: لا تسمع الدعوى متميلة، ولكن ينبغي أن تفرد (٢) هذه الدعاوي ويحلَّف المدعى عليه على آحادها. وهذا جارٍ على القياس، ولكن فيه إشكال، وهو أن المدعى عليه لو نَكل عن اليمين، فلا يتأتى للمدعي الإقدامُ على يمين الرد؛ لأنه إذا ادعى عشرة أمناء فَيْلَج، فكيف يحلف؟ وربما طبخه، أو ضربه إبريسم، والذي يدل عليه كلام القاضي أن للمدعي أن يعتمد نكولَه، فيحلف ويستند إلى نكوله، وهذا حسن. وهو كما لو ادعى المودَع تلفَ الوديعة، وحلَّفناه، فنكل، فللمودِع أن يحلف تعويلاً على نكول المودَع. وهذا أصل ضابط.

فنقول: إن كان المردود عليه عالماً بما يحلف عليه، مثل أن ينكُل المودَع عن اليمين على الرد (٣)، وعلم المودِع أنه لم يرد، فيحلف يمين الرد (٤)، وإن ادعى التلف ولم يقطع المودع بالتلف، فهل له أن يعتمد نكولَه ويحلف، كما يعتمد الوارث خطَّ أبيه المعتمد في الروزنامج، ويحلف؟ فعلى وجهين - وهذه المسألة خارجة على ذلك. وقد مضى لهذا نظير في دعوى العين على الضامن أو القيمة.

ويلتحق بهذا أنه إذا دفع ثوباً إلى دلال ليبيع الثوبَ بعشرة دراهم؛ وجحد الدلال الثوبَ، فصاحب الثوب يدعي الثوب، أو الثمن، أو القيمة؟ فهو على ما ذكرناه.

مسألة ١٢٣٢٩ - إذا ادعى عشرة دنانير على إنسان، فقال المدعى عليه: لا تلزمني العشرة، قال (٥)؛ ليس للقاضي أن يقول: لا تلزمك العشرة، ولا شيء منها. ولو


(١) ت ٥: "متميلة".
(٢) ت ٥: " تقرر ".
(٣) على الردّ: أي على ردّه الوديعة.
(٤) يمين الردّ: أي اليمين المردودة من المدعي.
(٥) القائل هو القاضي الحسين، فعن مجموعه ينقل هذه المسائل.