للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يتعدى من الجنين إلى الأم، فتعتِق الأم، كما يعتق الجنين بعتق الأم، وهذا غريب في الحكاية، وإن أمكن توجيهه.

ثم اختار المزني أصحَّ الأقوال، وهو قول تعجيل السراية، وسلك مسلكين: أحدهما - التعلق بنصوص الشافعي في مواضع من الكتب (١)، والآخر الاستشهاد بالأحكام، ومعظم ما يستشهد به مفرع من الشافعي على قول تعجيل السراية، وأما استشهاده بنصوص الشافعي، وقطعِه القول في مواضع من كتبه، فهذا على مذهبه في أن الشافعي إذا قطع قولاً في موضع، كان ذلك تركاً منه للقولين.

١٢٣٤٨ - وفي هذا دقيقة لا بد من التنبه لها، وهي أن الشافعي إذا نص على قولين، فكأنه لم يذكر لنفسه مذهباً، وإنما ردّدَ، ولو انتهى نظره نهايته، لجزم القولَ، ولا مذهب لمتردِّد. نعم، إن كان ينقدح مذهب ثالث، فإعراضه عنه مذهب.

ثم إن قطع قوله بعد القولين، فيجب القطع بأن مذهبه ما قطع به، وما كان يتردد فيه ينتهى إليه ويقف (٢).

وإن تقدم قطعُه، ثم قطع بعده بخلافه، فهو رجوع، واستحداث مذهب.

وإن قطع بمذهب، ثم ذكر بعده قولين، فقد ترك المذهب، وعاد إلى التردد.

وإن نُقلت عنه نصوص مختلفة من غير تأريخ، فلا وجه للاستشهاد بالبعض منها.

غير أن المزني يستشهد بكثرة النصوص، وهذا لا متعلق فيه.

١٢٣٤٩ - ثم ذكر المزني جملاً من الأحكام المتفرعة على الأقوال، ونقل جواب الشافعي فيها على ما يقتضيه تعجيل السراية، ونحن نتتبع تلك الأحكامَ ونذكر المذهبَ فيها، والجوابُ عن تعلق المزني لا يخرج عن قسمين: أحدهما - اعتذار عما يذكره إن اتجه، والآخر - حملُ كلامه على التفريع على قول تعجيل السراية.


(١) ت ٥: " الكتاب ".
(٢) عبارة الأصل: " ويقف عليه "، ولفظة: (عليه) ساقطة من (ت ٥)، ولعلها: ويقف عنده. أي لا يقطع.