للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمما تعلق به أن قال: قال الشافعي: إذا مات المعتِق الموسر، فقيمة نصيب الشريك تؤخذ من تركته بعد موته، وهذا لا خلاف فيه على الأقوال. ووجه الجواب عنه على قول تأخير العتق إلى الأداء، أن العتق صار مستحقاً في نصيب صاحبه، فصار هذا الاستحقاق موجِباً للقيمة، ثم أَخْذ القيمة من تركته، وإن كان يحصل العتق بعد موته ليس بدعاً، وهو محمول على قاعدة تقدم السبب في الحياة، ومن الأصول أن من قدم سبباً في حياته، وترتب عليه تلفٌ بعد موته، فالضمان يتعلق بتركته. هذا إذا مات المعتِق.

وإن [مات] (١) العبد الذي أعتق الشريك نصيبه من قبل أداء القيمة -والتفريع على تأخير السراية إلى وقت الأداء- فعلى هذا القول وجهان: أحدهما - لا تلزم القيمة؛ فإن السراية قد فاتت؛ إذْ عِتْقُ العبد بعد موته محال؛ فتقديم العتق على أداء القيمة يخالف القول الذي نفرع عليه [وبمثل] (٢) هذا الحكم فإن المكاتب إذا مات، تنفسخ الكتابة، ويموت رقيقاً. والوجه الثاني - أنه يجب على المعتِق قيمةُ نصيب شريكه، ثم نتبين أن العتق حصل قبيل موته، وهذا يضاهي مذهب أبي حنيفة (٣) في مصيره إلى أن المكاتب إذا خلف وفاء أُدّي النجم مما خلّفه، ويتبين أنه عَتَق قُبَيْل موته.

ومما احتج به المزني أن قال: نَصَّ على أن أحد الشريكين إذا وطىء الجارية المشتركة -وهو موسر- سرى الاستيلادُ إلى نصيب الثاني في الحال.

قلنا: هذا جوابٌ على أحد القولين -وهو تعجيل السراية- فالاستيلاد كالإعتاق، فإن عجلنا، فالجواب ما نقله المزني، وإن رأينا تأخير نفوذ العتق إلى أداء القيمة، فالاستيلاد بمثابته، وقولُ الوقف جارٍ فيه. ثم من أصحابنا من يرى الاستيلاد أولى بالتعجيل؛ لأنه مترتب على فعلٍ لا مردّ له، ومنهم من يرى العتق أولى؛ لأنه تحقيق وتنجيز، والاستيلاد فيه عُلْقة العتاقة، ومنهم من سوى بينهما.


(١) في الأصل: " كان ".
(٢) في الأصل: " بمثل " (بدون الواو).
(٣) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٤/ ٤٣١ مسألة: ٢١٢٥.