للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢٣٥٢ - فإذا ثبت ما ذكرناه من الخلاف في نفوذ عتق الشريك الثاني بعد إعتاق الأول، فنعود بعد هذا إلى غرض المسألة، ونقول: إذا قال أحد الشريكين: إذا (١) أعتقتَ نصيبك، فنصيبي حر، فهذا نفرّعه على قولَي التعجيل والتأخير: أما التفريع على التعجيل، فإذا جرى هذا التعليق من أحد الشريكين، فقال لصاحبه: إذا أعتقت نصيبك، فنصيبي حرٍ، فإذا أعتق المخاطَب نصيبه عَتَق عليه العبد إنشاء وسراية (٢)، ولم يعتق نصيب المعلِّق بحكم التعليق، فإن قوله: " فنصيبي حر " يقتضي التعقيب، فإذا أعتق المقول له، فالسراية من حكم لفظه، فتغلِبُ السرايةُ حصولَ عتق المعلِّق في نصيب نفسه بحكم التعليق السابق. وهذا مما اتفق الأصحاب عليه إذا فرعنا على قول التعجيل.

فإن قيل: هلا كان عتق المعلِّق أولى بالنفوذ؛ فإنه يوافق وقت السريان؟ وهذا السؤال يقوَى بما مهدناه من أن الملك ينتقل إلى المعتِق، ثم يترتب عليه السريان، فلا بدّ من وقوع العتق بالسريان مترتباً على النقل، والعتق المعلَّق يلاقي وقت نقل الملك، ولأجل هذا السؤال قال المروزي: يحصل العتق متصلاً بإعتاق الشريك غيرَ مترتب، وهذا لا يُنجْيه من السؤال وغائلته؛ فإن الترتّب [على نقل الملك إن رُفع من البين،] (٣) بقي مصادمةُ العتق المعلَّق للعتق بالسراية، وهذا كافٍ في إشكال السؤال.

ثم سبيل الجواب في هذا أن نقول: العتق المعلق مرتب على نفوذ عتق الشريك ترتيباً اختيارياً، وحصول العتق على طريق السراية، يترتب على نفوذ العتق ترتباً


(١) أعاد المسألة بنصها واضعاً (إذا) مكان (مهما) مما يؤكد صحة تقديرنا في استعماله (مهما) بمعنى (إذا).
(٢) إنشاءً في نصيبه، وسراية في نصيب شريكه.
(٣) عبارة الأصل: " فإن الترتب يحط نقل الملك أو رفع من البين ... إلخ " والمثبت عبارة (ت ٥). والمعنى أننا لو قلنا بقول أبي إسحاق المروزي، أي بحصول العتق متصلاً غير مترتب على نقل الملك، فهذا لا ينجي من السؤال، لأننا لو رفعنا من البَيْن تقدير نقل الملك، فسيبقى مصادمةُ العتق المعلِّق للعتق بالسراية. هذا معنى العبارة، والله أعلى وأعلم.