للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكمياً، والترتب الحكمي أغلب؛ لأنه لا يقع (١) على وقتين محسوسين، فَيُفْصَل أحدُهما عن الثاني، وإنما هو تقدير لا يدركه الحس، وترتيب العتق بالفاء تصرفٌ مقتضاه تقسيم الوقت تعقيباً وترتيباً.

وهذا لا يشفي الغليل إذا كان لا ينفصل العتق المعلق عن إعتاق الشريك بفاصل زماني، فلا شك في اجتماع وقت السراية والعتق المعلق، وإذا فرضنا لنقل الملك زماناً، ولنفوذ العتق بعده زماناً، اقتضى هذا استئخار عتق السراية عن العتق المعلق من طريق الزمان.

فلا خروج عن السؤال إلا بأن نقول: العتق المعلق يصادف ملكاً [مستحَقَّ] (٢) الإزالة، وقد ذكرنا وجهين على قول التأخير في أن الشريك الثاني إذا أعتق نصيبه هل ينفذ عتقه؟ فإذا فرّعنا على أنه لا ينفذ عتقه، لم يبق إشكال في تغليب السراية على قول التعجيل، وإنما السؤال على الوجه الثاني - وهو إذا قلنا: ينفذ عتق الشريك الثاني في نصيبه بعد تقدم عتق الأول، فعلى هذا تغلّب السراية على قول التعجيل أيضاً.

والسبب فيه أن الملك الذي يستحق نقله بالسراية مختطف مستوفًى منتزع عن إمكان التصرف على وجه لا تبقى فيه خِيَرةٌ للمختار، فلما عظم هذا الاستحقاق، اتّحد المذهب في امتناع نفوذ عتق المعلِّق، ونحن إذا نفذنا عتق الراهن، فهو لتغليبنا العتق على حق المرتهن؛ لما يختص الملك [به] (٣) من السلطان ولهذا لا ينفذ بيعه، وهاهنا إذا كان الملك مستحقاً للمعتق بسريان العتق، امتنع نفوذ عتق المعلِّق فيه.

فكأنا نتخيل مراتب نقسط عليها أقدار الفقه: فعتق الراهن -إن نفذ- فسببه أن العتق أقوى من حق الاستيثاق، وعتق الشريك الثاني -على تأخير السراية- أولى بألا ينفذ؛ لأن الحق الثابت في ملكه على اللزوم سببه عتقٌ أيضاً.

وإذا فرعنا على قول التعجيل، فالملك مختطفٌ من البين، حتى كأن لا ملك، وعتق المعلِّق محمول على اختياره، وهذا هو الممكن في ذلك.


(١) ت ٥: " لأنه يقع ".
(٢) في الأصل: " يستحق ". والمثبت من (ت ٥).
(٣) في الأصل: " فيه ". وعبارة (ت ٥): " لما يخصّص به الملك من السلطان ".