للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢٣٥٣ - ولو قال أحد الشريكين للثاني: إذا أعتقت نصيبك، فنصيبي حر قبل نصيبك -فهذه المسألة تدور على مذهب الدَّور الذي سبق إليه ابن الحداد. ووجهه أن الشريك المخاطب المقول له إذا أعتق- فلو نفذنا عتقه، لنفذ على صاحب اللفظ عتقُ المعلِّق قبل إعتاقه، وإذا نفذ عتق المعلق قبل إعتاقه سرى، وإذا سرى، لم ينفذ إعتاق الشريك، وإذا لم ينفذ إعتاقه، لم ينفذ العتق المعلَّق؛ ففي تنفيذ إعتاقه ردُّ إعتاقه.

وعلى هذا المذهب إذا قال مالك العبد له: مهما أعتقتك فأنت حر قبله، لم ينفذ عتقه، وقد ذكرنا نظير ذلك في الطلاق، وذكرنا مذهب قطع مذهب الدور، واخترناه، فلا نعيده.

ومن سلك في رد الدور مسلك الاستبعاد، فالدور في هذه المسألة أبعد، لأنه يؤدي إلى الحجر على الغير في ملكه، وهو أبعد من تصرف المرء في حقه.

ونحن إذا قطعنا الدور، لم نلتفت على هذا الاستبعاد، بل نقطعه بأن الشرط في نظم الكلام وضعه أن يتحقق، ثم ننظر في الجزاء، فإن امتنع، منع، فأما تخيل المنع في الشرط، فلا سبيل إليه لا لفظاً ولا شرعاً، ولسنا نطيل بالإعادة.

ويلزم على مذهب الدور امتناعُ التصرف من الجانبين، لو صدر التعليق من كل واحد منهما، ثم يجب طرد هذا في جميع التصرفات حتى إذا قال كل واحد منهما لصاحبه: مهما بعت نصيبك، فنصيبي حر قبل بيعك، فلا ينفذ البيع، [ثم] (١) لا ينفذ العتق، فإنه موقوف على بيع صحيح، وصحة البيع ممتنعة، وبمثل هذا يستبين المنصفُ بطلانَ المصير إلى الدور اللفظي. وكل ما ذكرناه على قول التعجيل.

١٢٣٥٤ - فإن فرعنا على التأخير - وقد قال لشريكه: إذا أعتقت نصيبك، فنصيبي حر، فهذا مخرج على الوجهين في أن الشريك الثاني هل ينفذ عتقه؟ وقد مضى.

ولو قال على هذا القول: فنصيبي حر قبل إعتاقك -وفرعنا على أن عتق الثاني لا ينفذ بعد عتق الأول- دارت المسألة أيضاً؛ فإنا إذا قدمنا العتق المعلَّق، صادف إعتاق الثاني ملكاً مستحَقاً، ثم هكذا إلى منتهى الدور.


(١) في الأصل: " فإنا لا ننفذ العتق ".