للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو أبهم العتق بين جاريتين، ثم وطىء إحداهما، فإن كان عيّن بقلبه واحدة منهما، فلا يكون الوطء بياناً؛ لأن المعتقة معلومة له، فلا أثر للوطء في التعيين، فإن زعم أن الموطوءة هي التي لم أردها بالعتق، صُدّق لقوله لا للوطء، فإن قال: عنيت بالعتق التي وطئتها، فقد وطىء حرة، ولا يخفى الحكم.

وإذا نوى بالقلب كما ذكرناه، فالوارث يقوم مقامه في البيان، كما ذكرنا بناء على سماعه منه، وهذا فيه إذا عين بقلبه، ولو قال الورثة: لا نعلم، وقد سمعناه يقول: عيّنْت بقلبي، فليس إلا الوقف إلى البيان.

ولو لم يعين بقلبه أحداً، بل أطلق إبهام العتق، فإليه التعيين، ثم التعيين إلى إرادته، وليس هذا من البيان في شيء، ولو عين واحداً، لم يكن للباقين منازعته، والدعوى عليه، وهذا واضح.

١٢٣٨٠ - ثم إذا عيّن واحداً وكان الإعتاق مطلقاً، لا نية معه، فالعتق يقع يومَ اللفظ أو يوم التعيين؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يقع يومَ اللفظ؛ فإن العتق يستدعي لفظاً يقع به؛ بدليل أنه لو أطلق ولم يعين بقلبه، ثم عين من بعدُ بقلبه، لم يؤثر تعيين القلب إذا تأخر عن اللفظ، فدلّ أن اللفظ لا بدّ منه.

والوجه الثاني - يقع العتق [يوم اللفظ ويتبيّن المحلّ يومَ التعيين] (١). وعبر الأئمة عن الوجهين، فقالوا: نقول في وجهٍ، العَتاق واقع في عين (٢)، ونقول في وجهٍ، هو ملتزم في الذمة مستحَقُّ الإيقاع في واحد من هؤلاء، فعلى هذا يقع يومَ التعيين.

ولو أبهم العتقَ بين عبدين، ولم يعين بقلبه، فإذا مات أحدهما، فهل له تعيين العتق في الميت؟ فهذا يخرج على الوجهين: إن قلنا: العتق يقع يوم التعيين، فلا سبيل إلى ذلك؛ لأن الميت لا يقبل العتق، فعلى هذا يتعين له من بقي، ولا حاجة إلى لفظه.


(١) عبارة الأصل: " يقع العتق بيوم اللفظ، ويبيّنُ اليومَ يومَ التعيين ". بهذا الرسم وبهذا الضبط، والمثبت عبارة (ت ٥).
(٢) ت ٥: " في غيره ".