للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن قلنا: العتق وقع باللفظ، فتعيين الميت له جائز؛ فإنه مستند إلى ما قبل الموت، والتعيين بيان.

١٢٣٨١ - وإذا أبهم العتقَ بين جاريتين من غير نية بالقلب، ثم وطىء إحداهما، فهل يحصل بالوطء التعيين؟ فعلى وجهين: وهما جاريان في إبهام الطلاق من غير تعيين بالقلب، وأبو حنيفة (١) يفصل بين إبهام العتاق وإبهام الطلاق، فيجعل الوطء [تعييناً] (٢) للطلاق، ولا يجعله تعييناً للعَتاق، ولا فصل عندنا في إجراء الوجهين.

ثم إن جعلنا الوطء تعييناً، فلو استمتع فيما دون الفرج، أو قبّل، أو لمس بالشهوة، فهل يقع التعيين بهذه الجهات من الاستمتاعات؟ فعلى وجهين مرتبين على الوطء. ثم إن جعلنا هذه الضروب تعييناً، فهل نجعل الاستخدام تعييناً للملوكة؟ فعلى وجهين مرتبين على الاستمتاع. هكذا ذكره القاضي. وهذا يوجب لا محالة طردَ الخلاف في أن الاستخدام هل يكون فسخاً أو إجازة في زمان الخيار، وكان قَرَعَ مسامعي هذا التردد من الخلافيين، حتى وجدته مصرَّحاً به للقاضي.

١٢٣٨٢ - وإذا كان العتق المبهم مطلقاً، لم يقترن به تعيين القلب، فلو مات المبهِم قبل البيان، فالورثة هل يقومون مقامه؟ فعلى قولين: أحدهما - أنهم يخلفونه في البيان والتعيين؛ لأن ذلك كان من حق المبهِم في حياته، وهو متعلق بالأموال، فيخلفه الوارث فيه. والقول الثاني - أن الوارث لا يقوم مقامه؛ فإن التعيين في حكم تكميل اللفظ، فينبغي أن يصدر من المتلفظ بالعتق لا غير، والقولان يقربان مما ذكرناه في أن التعيين إيقاعٌ أو بيان مستبد (٣)، فإن جعلناه إيقاعاً، فقد قال القاضي: يقوم الوارث فيه مقام الموروث، فإنه يوقع العتق عن الموروث بأمره أو بتأدية كفارة عنه.


(١) ر. بدائع الصنائع: ٤/ ١٠٣، ١٠٤، تحفة الفقهاء: ٣/ ٣٩٣، طريقة الخلاف: ١٥٥ مسألة: ٦٥، إيثار الإنصاف: ٢/ ٣٩٣.
(٢) في الأصل: " تبييناً "، والمثبت من (ت ٥).
(٣) ت ٥: "مستند".