العتق عليها، والأم إنما تعتِق أيضاً بعد انفصالها، فلا يلحق الجاريةَ عتق على وجه التبعية.
فخرج مما ذكرناه أن الجارية لا تعتِق في حسابٍ أصلاً، والغلام يعتق كيف فرض الأمر؛ فإنه إن خرج أولاً عَتَق، وإن خرجت الجارية، عتق تبعاً للأم، والأم قد تعتق وقد لا تعتق.
فلو خرج الولدان على ترتب، وأشكل الأمر، فلم ندر كيف كان الخروج - فأما الغلام فيعتِق لا محالة، والجارية رقيقة قطعاً، وأمر الأم مشكل، فإن خرج الغلام أولاً، فهي رقيقة، وإن خرجت الجارية أولاً، فهي حرة. وقد أشكل الأمر.
قال ابن الحداد: نقرع بين الغلام وبين الأم. فإن خرجت القرعة على الأم، عَتَقَت، والغلام حرّ لا يدرأ حريتَه شيء.
وإن خرجت القرعة على الغلام، رقّت. وسبب القرعة أن الغلام إن خرج أولاً، فهي رقيقة، وإن لم يخرج أولاً، وخرجت الجارية، فالأم حرة، فعِتْق الأم يتعلق بخروج الغلام، فخرجت القرعة على هذا التقدير. وقد وافقه بعض الأصحاب فيما قال.
والذي ذهب الأكثرون إليه أن القرعة لا معنى لها في هذه الصورة؛ فإن القرعة إنما تجري إذا تردد العتق بين شخصين رُدّد العتق بينهما قصداً وأشكل الأمر، وليس الأمر كذلك في هذه المسألة؛ فإن الغلام لم يُجعل في معارضة الجارية، فالوجه أن نقول: الجارية رقيقة والغلام حر. والجارية أشكل أمرها. فالأصل بقاء الرق فيها.
فرع:
١٢٤٠٧ - ذكره الشيخ من وقائع نيسابور قديماً، وهو أنه إذا كان بين يدي السيد غلامان سالم وغانم، فقال: أحدكما حر، ثم غاب سالم وبقي غانم بين يديه، فوقف بجنبه غلام اسمه مبشر، فقال لغانم ومبشر: أحدكما حر، ثم مات قبل البيان، فكيف السبيل فيه؟
قال الأستاذ أبو إسحاق في جواب المسألة: نقرع في هذه المسألة بين سالم وغانم، فإن خرجت القرعة على سالم -وهو الذي غاب- فيعتِق، ثم نعيد القرعة مرة أخرى بين غانم ومبشر، فعلى أيهما خرجت القرعة، حكمنا بعتقه، فيعتِق عبدان.