للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس الولاء حقاً مملوكاً؛ إذ لو كان كذلك، لأمكن حطُّه وإسقاطُه كسائر الحقوق الثابتة للآدمي، وإنما هو كالنسب الذي لا يتصور إسقاطه، وقد دل قول الرسول عليه السلام على ما ذكرناه في ذلك؛ إذ قال: " الولاء لحمة كلحمة النسب " معناه أنه انتساب كالنسب. وقال: " مولى القوم منهم " (١). وقال: " سلمان منا أهل البيت " (٢).

وقد قال كثير من أئمتنا من أوصى لبني فلان بشيء دخل الموالي فيهم، وقالوا: الصدقة كما تحرم على بني هاشم وبني المطلب، تحرم على مواليهم.

وعلى هذا الأصل امتنع نفي الولاء بالشرط. فمن أعتق عبداً وشرط ألا يكون له ولاء، لم ينتف كما لا تنتفي الأنساب بعد ثبوتها.

١٢٤٢٥ - ثم الكلام في الباب يتعلق بأصلين: أحدهما - في الجهات التي يثبت الولاء بها. والثاني - في أحكام الولاء.

فليقع البداية بجهات الولاء، ويجب أن يكون للناظر فضل اعتناء بهذا الباب؛ فإنه مزلة الأقدام، وقد كثر فيه غلطاتُ الكبار، ونحن لا نألوا في الكشف والبيان جهدنا -إن شاء الله عز وجل- وهو ولي التأييد بمنّه ولطفه. فنقول:

الولاء يثبت بمباشرة العتق، وهو أقوى الجهات. ويثبت بغيره أيضاً.


(١) حديث " مولى القوم منهم " رواه أصحاب السنن، وابن حبان من حديث أبي رافع (ر. أبو داود: الزكاة، باب الصدقة على بني هاشم، ح ١٦٥٠، الترمذي: الزكاة، باب ما جاء في كراهية الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ومواليه، ح ٦٥٧، النسائي: الزكاة، باب مولى القوم منهم، ح ٢٦١٢، ابن حبان: ٥/ ١٢٤ ح ٣٢٨٢، التلخيص: ٤/ ٣٩٣ ح ٢٧١١).
(٢) حديث " سلمان منا آل البيت " رواه ابن سعد في الطبقات (٤/ ٨٢، ٧/ ٣١٨) والطبراني في الكيير (٦/ ٢٦٠) والحاكم (٣/ ٥٩٨) والبيهقي في الدلائل (٣/ ٤١٨) من حديث عمرو بن عوف مرفوعاً. قال الألباني: ضعيف جداً، وقد صح عن علي رضي الله عنه موقوفاً من طرق، رواه ابن أبي شيبة (١٢/ ١٤٨ ح ١٢٣٨)، وابن سعد (٢/ ٣٤٦، ٤/ ٨٥)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ١٨٧). (ر. سلسلة الضعيفة للألباني: ٨/ ١٧٦ - ١٨١ ح ٣٧٠٤، ضعيف الجامع الصغير: ٣٢٧٢).