فأما ولاء المباشرة: فهو الثابت لمن حصل العتق في ملكه.
فأما غيرُه من الجهات، فمن استحق ولاءَ شخص بالإعتاق، أو حصولِ العتق فيه، فلو أعتق ذلك العتيق عبداً، فلا شك أنه أولى بولائه، فإن ولاءه عليه بالمباشرة.
ولكن لو مات المعتِق، فيثبت للمعتِق الأول ولاءُ معتَقِ معتَقه. على ترتيبِ سيأتي وصفه -إن شاء الله عز وجل- عند ذكر أحكام الولاء. فمعتَق المعتَق منتسب إليه بولاء المباشرة. وهو منتسب إلى المعتِق الأول بانتسابه إلى معتِقه. فهذه جهة.
والجهة الأخرى الولادة، فولد المعتَق عليه حكم الولاء لمعتِق الوالد.
فخرج مما ذكرناه أن الولاء يثبت حكمه بجهتين أخريين. إحداهما: معتَق المعتَق، والثانية: ولد المعتَق.
ثم لا يختص بولد صلبه، بل يطّرد ويجري على أحفاده، كما سنوضح ذلك بالتفصيل -ولا يتأتى الهجوم على المشكلات إلا قليلاً قليلاً- ثم كما يثبت الولاء على ولد المعتَق يثبت الولاء على ولد المعتَقة، وثبوته على ولد المعتَقة أقرب إلى درك الفهم من ثبوته على ولد المعتَق؛ فإن ولادة المعتَقة محسوسة، والانتساب إلى المعتَق حكمٌ غير محسوس ولا مستيقن.
١٢٤٢٦ - وينشأ (١) من هذا المنتهى الكلامُ في جر الولاء، ونحن بعون الله نوضح ما فيه. فنقول:
إذا نكح معتَقٌ معتقَةً، فأتت بولدٍ، فهو متردد بين أبويه ولادةً وانتساباً، والولاء يثبت على الولد. واتفق العلماء على أن الولاء على الولد بين المعتَق والمعتَقة لموالي المعتَق، ولا يثبت الولاء لموالي الأم، وهذا يؤكد ما ذكرناه في قاعدة الباب من أن الولاء انتساب؛ فإن النسب إلى الآباء، فكان انتساب الولاء إلى الأب أولى، ثم ينتسب إلى معتَق الأب منه، ولم يصر أحد إلى كون الولاء مشتركاً بين مولى الأب ومولى الأم.
(١) في هامش نسخة الأصل كلمة: (وتبينا) مع علامة لحق بعد كلمة: (وينشأ) ولم أعرف لها موضعاً.