للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدر غرضنا الآن بناء الصورة التي ذكرناها في الجر على هذه القاعدة، وإن كان في نفس الفقيه بقية مما ذكرنا، فليصبر إلى نجاز الباب؛ فإن انحل الإشكال الذي يخطر له، فذاك، وإلا فالأغلب أنه من تساهله في تأمل ما نرسمه في الباب، فليرجع وليتأمل. والله وليّ توفيق الطالبين بمنه وكرمه.

وقد حان الآن أن نذكر أحكام الولاء في فصل.

فصل

١٢٤٣٢ - يتعلق بالولاء ثلاثة أحكام: الميراث، والولاية في التزويج، وضرْب العقل، وإذا نحن أوضحنا الميراث، كفى وظهر منه غيره.

فنقول: إذا مات المعتَق، نُظر: فإن خلف عصبة نسيباً، فلا يخلص الميراث إلى الولاء أصلاً، وإن لم يكن له عصبةٌ نسيبٌ، وكان في ورثته أصحاب فرائض تستغرق الميراث، فلا ينتهي الميراث إلى عصبة النسب، فما الظن بالولاء؟

وإن لم يكن له عصبةٌ نسيبٌ، ولا فرائض، أو أفضلت الفرائض شيئاً، فهو للمعتِق المباشر للعتق كما قدمنا، فإن كان المعتِق قد مات قبل موت المعتَق، فالميراث مصروف إلى عصبات المعتِق، وقد مضى ترتيب القول في عصبات المعتِق في الفرائض، ولكنا نعيده لنتمكن من الكشف في الأطراف التي لم ينته إليها الشرح في الفرائض.

ونصدِّر ما نريد الخوضَ فيه بتمهيد أصلٍ، وهو أن عصبة المعتِق لا يرثون الولاء كما يرثون الأملاكَ وحقوقها، وإنما يرثون بالولاء بانتسابهم إلى المعتِق بجهةٍ تقتضي العصوبة المحضة، توجب توريثهم.

والدليل على أنهم لا يرثون الولاء، أن الولاء لو كان موروثاً، لاقتضى القياس أن يستوي في استحقاقه بالإرث الرجال والنساء كسائر الحقوق، ومن الدليل عليه أن المعتِق لو مات مسلماً، وخلف ابنا مسلماً، وابنا نصرانياً، ثم أسلم النصراني ومات المعتَق، فالابنان يستويان في ميراث المعتَق؛ لأنهما حالة موته من أهل استحقاق