للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينهما، والذي نذكره الآن أن هذا التعليق ليس تعليقاً على الحقيقة، وإنما هو نطق بمضمون العقد على الغالب؛ إذ لو كان تعليقاً، لما حصل العتق إلا بالأداء، وإنما الغرض إزالة التردد في لفظ الكتابة، ولهذا قال الأصحاب: النية كافية من غير لفظ، ولو كان التعليق مقصوداً، لبعد حصوله بالنية في ظاهر الحكم. هذا ما أردنا التنبيه عليه.

فصل

قال "ولا بأس أن يكاتبه على خدمة شهر ودينار بعد الشهر ... إلى آخره" (١).

١٢٤٩٣ - صورة المسألة أن يكاتب عبده على أن يخدمه شهراً، ويؤدي بعد الشهر ديناراً، قال الشافعي: الكتابة على هذا الوجه جائزة؛ فإن منافع المكاتب بعد انعقاد الكتابة بحكم المكاتَب (٢)، فإذا وقع الشرط على صرف مقدارٍ منها إلى عوض الكتابة، ساغ ذلك.

وهذه المسألة تهذب الأصل الذي قدمناه في اشتراط التأجيل، أو التنجيم؛ فإن منفعة المكاتب متصلة بقبول الكتابة، ولا أَجَلَ فيها؛ والمدة المذكورة تثبت لتأديتها على حسب وجودها شيئاً فشيئاً، وإلا فاستحقاق المنفعة ثبت حالاًّ، وهذا يوضح أن شيئاً من عوض الكتابة إذا أمكن ثبوته مع التمكن من أدائه، فلا امتناع في حلوله، وإنما نشترط التأجيل في الأعواض التي نستيقن اقتران العجز عنها بعقد الكتابة، وهذا لا يتحقق في منافع المكاتب.

ولو فرض استئخار المنفعة المشروطة عوضاً عن وقت قبول العقد، لما صح العقد؛ فإنّ إضافة العقد اللازم إلى وقت منتظر للمنافع غير جائزة عندنا، ولهذا امتنع إجارة الدار الشهرَ الذي سيأتي، فالمنفعة إذاً لا تثبت عوضاً في الكتابة إلا متصلة، ثم استئخار أدائها على حسب التصور في وجودها، ولكن هذا إنما يتحقق في النجم


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٧٥.
(٢) أي صارت منافعه ملكاً له.