للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول، ولا بد من فرض نجمٍ ثانٍ؛ فإن [التنجيم] (١) ركن الكتابة، ومن ضرورة محل النجم الثاني أن يتأخر. [و] (٢) النجم الأول يجوز أن يكون حالاً في منفعة المكاتب لا غير؛ فإن الإمكان يتحقق فيها مع القبول، والنجم الثاني يتأجل لا محالة؛ فإنه لا يتحقق تعدد النجم إلا بتخلل فاصل زماني.

ثم لفظ الشافعي في المسألة قد يوهم وجوب تأجيل الدينار، بحيث يحل بعد انقضاء الشهر المذكور وقتاً للمنافع. وقد سبق هذا إلى فهم أبي إسحاق المروزي واعتقده مذهباً، وشرطَ انفصال محل الدينار عن منقرض الشهر ولو بلحظة، وخالفه كافة الأصحاب؛ فلم يشترطوا ذلك، وقالوا: لو كاتب عبده على منفعة شهر ودينار بعد القبول بيومٍ أو بلحظة جاز؛ فإن محل المنافع الساعة المتصلة بالقبول، وطوال الشهر لاستيفاء ما ثبت استحقاقه، فإذا انفصل محل الدينار عما بعد العقد بألطف ساعة، فقد تحقق التنجيم (٣).

ولو أردنا أن نصور حلول نجم المنفعة [بعد] (٤) حلول الدينار، لم يصح ذلك؛ فإن المنافع إذا انفصل استحقاقها عن العقد، كانت الإضافة إلى زمان منتظر، وهذا ما لا سبيل إليه.

ولو قال: كاتبتك على خدمة شهر، ثم زعم أن الخدمة من كل عشرة أيام من الشهر نجمٌ، لم يصح ذلك؛ فإن المنافع لو لم تستحق دفعة واحدة نجماً واحداً، لكان النجم الثاني مستحقاً على تقدير الإضافة إلى زمان منتظر، وقد يخرج في ذلك وجه إذا وقع التصريح بهذا التفصيل، وهذا الوجه مبني على ما إذا آجر الرجل داره من إنسان، ثم قال: إذا انقضت مدة الإجارة الأولى، فقد أجرتك شهراً آخر، ففي أصحابنا من


(١) في الأصل: التنجيز، والمثبت تصرف من المحقق رعاية للمعنى الذي لا يستقيم إلا به.
(٢) الواو زيادة من المحقق لاستقامة الكلام.
(٣) المعنى أن محل النجم الثاني -الذي هو الدينار- تأخر عن محل النجم الأول -الذي هو المنفعة- حيث يحل النجم الأول بعد القبول متصلاً به، فالعبرة بحلول النجم الأول وليس بانتهائه، ولذا أجاز الأصحاب أداء الدينار بعد العقد بيومٍ أو ساعة، فذلك متأخر عن حلول النجم الأول كما ترى.
(٤) في الأصل: " بغير "، والمثبت من المحقق إقامة للعبارة، وتصويباً لهذا التصحيف.