وعتق، فما أداه مردود عليه، والرجوع بقيمة رقبته عليه بعد حصول العتاقة، فالسيد والمكاتب بعد حصول العتاقة يترادّان، فإن كان ما قبضه المولى من جنس قيمة العبد، فقد تجري أقوال التقاص، كما ستأتي مشروحة إن شاء الله.
ثم ما ذكرناه من التراجع في هذا الطرف يضاهي الرجوع إلى مهر المثل، ورد العوض المقبوض في الخلع، فإن قيل: الخلع صحيح والبدل فاسد، والكتابة فاسدة في نفسها، قلنا: العتق نافذ هاهنا أيضاً، وتعليقه صحيح، فيصح تعليق العتق بالعوض الفاسد، ولا فرق، غير أن الخلع ثَمَّ إذا تم، نجز، ولا مستدرك، والكتابة لو انعقدت على الصحة، لم ينتجز فيها الغرض؛ وهي قابلة للفسخ بعد الصحة، فالوضعان مختلفان في البابين. والسبب في ذلك أن الكتابة تستدعي مَهَلاً وانشغالاً بالكسب، وهو عرضة للرفع، ومثل ذلك لا يتصور في الخلع.
١٢٥٠٥ - ثم الذي يجب البوح به أن الكتابة الفاسدة تُسلِّط العبد على الاستقلال بالكسب، وهذا معنى قول الأصحاب: إذا عَتَق، تبعه الكسب. أي ما حصّله من الكسب استحقه على اللزوم عند وقوع العتق، وترتب على هذا لا محالة سقوط النفقة عن المولى، كما في الكتابة الصحيحة، فاستقلاله بنفسه يعارض (١) سقوطَ نفقته عن مولاه، وهذا واضح في معناه.
وذكر الأصحاب استتباعَ الأولاد، كما ذكرناه في الكسب، وقال الشيخ أبو علي: رأيت للشيخ أبي زيد أن المكاتب كتابة فاسدة في استتباع الأولاد بمثابة المدبر والمعلَّق عتقه بصفة، وقد ذكرنا قولين في أن التدبير هل يتعدى من الأم إلى الولد، وهذا في ظاهر الأمر له اتجاه؛ فإن الكتابة الفاسدة إنما يحصل العتق فيها من جهة التعليق، فإذا كان يجري في ولد المعلَّق قولان، لزم جريانهما في المكاتب كتابة فاسدة.
وقد يعتضد هذا بأن الأولاد ما قيل فيهم:" أنتم أحرار إذا أدى أبوكم النجم "، وهذا يناظر ما حكيناه من قول الشافعي بعد موت السيد: إن الوارث ليس هو القائل: " إن أديت، فأنت حر ".