للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا عندنا ذهاب عن سر المذهب في أولاد المكاتب؛ فإنا لا نحكم بعتق ولد المكاتب كتابة صحيحة إلا على مذهب استتباع الأكساب؛ فإن ولد المكاتب من جاريته بمثابة كسبه، غير أنه لا يبيعه، فإذا عَتَق المكاتَب واستتبع الكسبَ، استتبع ولدَه، وإذا استتبعه في زمان استقرار عتقه، عَتَق عليه، فإذا كان هذا مأخذ القول في ولد المكاتب -ثم الكسب يتبع المكاتب في الكتابة الفاسدة- فيلزم لا محالة أن يتبعه الولد، ويعتِق عليه، وسيأتي شرح هذا في أولاد المكاتبين (١). ولم أر أحداً من الأصحاب تشبث بمنع استتباع الكسب في الكتابة الفاسدة.

ويترتب على استتباع الكسب أمران لا بد منهما: أحدهما - سقوط النفقة عن المولى كما قدمناه. والثاني - أن المكاتَب كتابةً فاسدة يعامِل المولى معاملة المكاتَب كتابة صحيحة، هذا من ضرورة استقلاله بنفسه.

وذكر الأئمة الخلاف في حكمين متعلقين [بالاستقلال] (٢): أحدهما - أن المكاتب كتابة صحيحة يسافر إن أراد الاستقلال، والمكاتب كتابة فاسدة هل يسافر؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يسافر لاستقلاله بالكسب. والثاني - لا يسافر؛ فإن الخروج عن ضبط السيد بالكلية -والكتابة ليست لازمة في حقه- بعيدٌ، فإن أذن، لم يخفَ الحكم، وقد يملك العبد نوعاً من الاستقلال بالكسب، ثم لا يسافر كالعبد الناكح بإذن مولاه؛ فإنه يصرف أكسابه إلى المهر ومؤن النكاح، ولا يسافر.

١٢٥٠٦ - ومما اختلف الأصحاب فيه أن سهماً من الصدقة مصروف إلى المكاتبين على الصحة، وهل يجوز صرفه إلى المكاتب كتابة فاسدة؟ فعلى وجهين، ذكرهما القاضي: أحدهما - أنه يجوز؛ بناء على استقلال المكاتب بالكسب؛ توصلاً إلى تحصيل العتق، والصدقاتُ من جهةٍ توصله إلى تحصيل العتق. والوجه الثاني - أنه لا تصرف الصدقة إليه؛ لأن الجهة غيرُ لازمة من جانب السيد، فلا تقع الثقة بقبض المكاتب.


(١) من هنا بدأ خرم جديد في (ت ٥) يقدّر بحجم كراسة كاملة من الأصل الذي أخذت عنه نسخة (ت ٥).
(٢) في الأصل: " بالاستقرار " وأُراها سبق قلم.