للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبقينا فيها اتباع الكسب والرجوعَ بالقيمة -والعتقُ قد حصل- فلم نرفع من الكتابة الفاسدة شيئاً.

١٢٥١١ - ثم نقل المزني لفظاً عن الشافعي، فقال: قال الشافعي: " ولو كان العبد مخبولاً، عَتَق بأداء الكتابة، ولا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء " (١). فظاهر ما نقله أن العبد كان مخبولاً وقت العقد.

وروى الربيع هذه الصورة بهذه اللفظة، وقال: يتراجعان بالقيمة، وهذا يتضمن كونَ الكتابة الجارية مع المجنون كتابة فاسدة يتعلق بها التراجع عند حصول العتق، وهذا على نهاية الإشكال؛ فإن المجنون لا عبارة له؛ وإذا لفظَ، فلا حكم للفظه، وقبوله لا يثبت قضيةً في [المعاوضة] (٢)، لا على الصحة ولا على الفساد.

وقد ذكرنا أن الكتابة الفاسدة هي التي تجري بين شخصين هما من أهل العبارة، ويتخلف عن العقد شرط من شرائط الصحة، أو يشترط فيه زائد مفسد، أو يفسد عوضُها، فأما إذا كان تعلق العقد بلفظ مجنون، فيستحيل أن يكون للفظه حكم.

وقد أوضحنا أن الكتابة الفاسدة تضاهي الكتابة الصحيحة في كثيرٍ من المقاصد، ولو أطلق الفقيه الصحةَ في تلك المقاصد، لم يكن لفظه حائداً عن سَنَن الصواب، [فالعتق] (٣) يحصل صحيحاً، والاستتباع يقع صحيحاًً، [والاستقلال] (٤) يثبت كذلك على صفة الصحة. فهذه أحكام صحيحة، فكيف يقتضيها لفظُ مجنون؟ نعم، لو حصل العتق بتعليق المولى، فليس ذلك بدعاً، ولكن النص الذي نقله الربيع صريح في إثبات الأحكام، نقله الصيدلاني، والعراقيون، وكلُّ موثوق به في المذهب، والذي نقله المزني على مخالفة منقول الربيع.

قال ابن سريج، فيما نقله الصيدلاني: والصحيح ما نقله الربيع، وقال أبو إسحاق: الصحيح ما نقله المزني.


(١) ر. المختصر: ٥/ ٢٧٥.
(٢) في الأصل: " المقاوضة ".
(٣) في الأصل: " بالعتق ".
(٤) في الأصل: " والاستقبال ".