للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من قال: في المسألة قولان.

وقد ظهر عندنا أن ابن سُريج لم يصحح ما رواه الربيع فقهاً، ولكنه [رآه] (١) أوثق في النقل. والمزني نقل ما [يستدّ] (٢) في الفقه، فتبين أهل [العناية] (٣) بالنقل أن ما نقله الربيع أصح، وما يستدّ على القياس -حتى لا يسوغ غيره- ما ذكره المزني.

١٢٥١٢ - ثم أجمع الأصحاب النقلة منهم والفقهاء أن الكتابة إذا جرت مع الصبي المميز، فهي تعليق محض، لا يتعلق بعقباها تراجع، ولا يثبت لها حكم من أحكام الكتابة الفاسدة.

ثم أخذ متكلفون -فيما نقله الصيدلاني- في الفرق بين الجنون والصبا، ورأوا الجنون عارضاً متعرضاً للزوال، والصبا أصل الفطرة. ومن انتهى إلى هذا الحد، فقد خرج خروجاً لا يستحق فيه [المناطقة] (٤)؛ مع ما تمهد في الشرع من سقوط أقوال المجانين، وللصبي أقوالٌ تصح وفاقاً، وفي عباراته في العقود اختلاف العلماء، ولا شك في صحة عقله، وانتظام كلامه (٥).

وإنما أكثرت في ذلك ليثق الناظر إذا انتهى إليه بما نقلته.

ثم اعلم أن الشادي في الفقه لا يستريب في ميل منقول الربيع عن قاعدة الفقه.

وقال بعض أصحابنا: ما نقله الربيع محمول على الجنون الطارىء على كتابة فاسدة، وما نقله المزني محمول على الجنون المقترن بالعقد، وهذا الكلام منتظم في وضعه، ولكنه مخالف لما نقله الربيع نصاً.


(١) في الأصل: " رواه ".
(٢) في الأصل: " يستبدّ ". والمثبت من المحقق، ومعنى يستدّ: أي يستقيم، كما فسرناها مراراً.
(٣) في الأصل: " العبارة ".
(٤) في الأصل: " الماطقة ".
(٥) أي أنه أولى من المجنون بقبول لفظه، وهو بهذا يردّ قولَ من يحاول توجيه نقل الربيع بجعله الصبا أسوأ حالاً من الجنون، لينقض بذلك توجيه نقل المزني بإبطال عبارة الصبي اتفاقاً، وما ينبني عليه من إبطال عبارة المجنون بطريق الأولى.