للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقلة النجم وكثرته، فإن الحاجة إلى الإعانة تختلف باختلاف المَبالغ، ومن راعى بلغةً بعد العتق، فقد يخطر له تنزيل تلك البلغة منزلة المتعة، ولست أرى ذلك معتبراً، -وإن كنا قد نلتفت إلى المتعة- فإنا لو اعتبرنا ذلك في التفصيل، للزمنا إيجابُ الإيتاء في العتق المنجّز.

[ثم إذا راعينا الغرض، فلا ندري لذلك مردّاً يُرجع إليه إلا أن يجتهد القاضي] (١) عند فرض نزاع، ولا معدل عن هذا إذا تُصور اختلاف بين السيد والعبد. فإن قيل: فالقاضي إلى ماذا يرجع مع العلم [بأن] (٢) الاحتكام لا سبيل إليه، قلنا: يرجع إلى ما له أثر في الإعانة، وعدمُه يورث تضييقاً أو كلفة. وهذا يختلف بقدر النجم وقوة العبد، وإن غيرنا العبارة قلنا: المقدار الذي يفرض العجزُ بفقدانه، ويترتب التعجيز عليه هو المُغني المؤثر، ثم مستند النظر فيه حدسٌ وتخمين، والمعلوم منه أن المكاتب على عشرة آلاف في سنتين لا يغني عنه حط المائة شيئاً، فما نستيقن أنه لا وقع له لا يكفي، وما نستيقن له وقعاً كافٍ، وما نتردد فيه فقدر التردد محتمل يتعارض فيه بقاء الإيتاء وبراءة ذمة المولى، ويلتحق بأطراف تقابل الأصلين. والذي نستيقن وَقْعَه يشتمل على زيادة قطعاً. هذا منتهى الإمكان في ذكر المقدار.

١٢٥٣٤ - فأما الكلام في الجنس، فإن حط من نجمٍ، جاز، وإن أعطى من عين ما أخذ جاز، وإن أعطى من مالٍ آخر غيرِ مجانس لما أخذ، فقد ذكر الشيخ أبو علي وجهين فيه: أحدهما - أنه يتعين الإعطاء من عين ما أخذ؛ تعلقاً بقوله تعالى: {مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ} [النور: ٣٣]، وهذا محمول عندنا على النجوم، وهي من مال الله في هذه الآية.

ثم قال الشيخ أبو علي: لو آتى من غير جنس النجم، لمِ يعتد به، وشبّه هذا بإخراج الدراهم من الدنانير في الزكاة، من حيث إن الإيتاء قُربة تثْبتُ تعبداً، وهي أبعد


(١) عبارة الأصل: " ثم إذا راعينا الغرض، فلا ندري ذلك يرجع إليه إلى أن يجتهد القاضي " وهي كما ترى غير مستقيمة، والمثبت من تصرف المحقق؛ إقامةً للعبارة، ورعاية للسياق.
(٢) في الأصل: " فإن ".