للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما أطلت الكلام في تفصيل هذه المسائل على ظهورها، لأن كلام الأصحاب يُلفى مختلفاً. وصاحب التقريب ينقل نصوصاً، بعضها في الكتابة الصحيحة، وبعضها في الفاسدة، وهي تعتمد التعليق، كالخلع الوارد على الإعطاء، فليردّ (١) المطلعُ على النصوص المختلفة تلك النصوصَ على التفاصيل التي ذكرناها، فلا وجه غيرها قطعاً.

ثم تمام الكلام أن المولى إذا قبض ما حسبه عوضاً، وقال بحسبه للمكاتب: قد عَتَقت، أو أنت حر، فإذا خرج المقبوض مستحَقاً، فقال المكاتب: أنت مؤاخذ بإقرارك، وقد قلت: إنك حر، فكيف السبيل في هذا؟

قلنا: القول في ذلك مبني على ما أجريناه في الدعاوى على قربٍ من العهد، فإذا اشترى الرجل عبداً وقبضه، فنُوزع فيه، فقال للمدّعي: لا يلزمني تسليم العبد إليك، فأقام المدعي بيّنة على استحقاقه؛ وتبين بطلانُ الشراء بحسبها، فللمشتري الرجوع بالثمن على البائع، وبمثله لو قال المشتري في أثناء النزاع: هذا العبد ملكي، ثم أفضت الخصومة إلى ثبوت استحقاق المدعي بالبينة؛ فلما أراد المشتري الرجوع بالثمن على البائع، قال البائع: قد أقررت بكون العبد ملكاً لك، ومن ضرورة إقرارك هذا -وقد تلقيت الملك مني- أن تكون معترفاً بأنه كان ملكي إلى أن بعتُه، فلا تملك الرجوع عليّ، ففي ذلك مذهبان: أظهرهما -وبه الفتوى- أنه يملك الرجوع، فإن قوله العبد ملكي مبني على ظاهر الحال، فإذا بيّنت البينةُ استحقاقَ المدعي، وزال الظاهر [المظنون] (٢)، فيزول بزواله قولُ المشتري.

ومن أصحابنا من قال: لا يملك الرجوع على البائع.

١٢٥٤٨ - عاد بنا الكلام إلى ما نحن فيه، فإذا قال المولى: قد عَتَقْتَ أو أنت حرّ، فهذا مأخوذ مما ذكرناه، فمن أجرى قوله على الظاهر، أبطل أثره عند زوال الظاهر [المظنون] (٢)، ولم نر مؤاخذته بموجب قوله، وهذا هو الذي نص عليه الشافعي.


(١) ت ٥: " فلينزل ".
(٢) في النسختين: " المضمون ".