للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن قال في مسألة الشراء والنزاع فيه: إن المشتري لا يملك الرجوع على البائع عند ثبوت الاستحقاق، فلا شك أنه لا يدرأ الحرية، وإن ثبت الاستحقاق في المقبوض، ويرى مؤاخذة المولى بقوله؛ من جهة أنه كان مستغنياً عن التلفظ بما ذكر، مع تجويزه خروج ما قبضه مستحقاً.

١٢٥٤٩ - وقد أورد الصيدلاني -على أنه لا يؤاخذ بموجب لفظه إذا جرى الاستحقاق في مقبوضه (١) - فرعاً في الطلاق، ننقله على وجهه ونبين اختلاله:

وذلك أنه قال: إذا قالت المرأة لزوجها: أطلقتني؟ فقال الزوج: نعم، فهذا إقرار منه بالطلاق ظاهراً، فلو قال بعد ذلك: كنتُ أطلقتُ لفظاً حسبته مقتضياً لوقوع الطلاق، فأجريت إقراري بحسبه، ثم راجعت العلماء فأفتَوْني بأنه لم يكن طلاقاً، قال: هذا مقبول من الزوج، وقد وجدته كذلك في بعض المصنفات.

وفيما نقله الصيدلاني مزيد تأكيد؛ فإنه قال: إذا قال القائل للزوج: طلقتَ امرأتك؟ فقال: نعم طلقتها، ثم ادعى ما وصفناه، فالقول قوله.

وعندي أن هذا وهم وغلط؛ فإن الإقرار جرى مقصودًا بصريح الطلاق، فقبول خلافه حملاً على ظن يدعيه، ويتعارض فيه صدقه وكذبه، محال. ولو فتحنا هذا الباب، لما استقر إقرار بمقَرّ به، وليس هذا كما ذكرناه من إطلاق السيد لفظ الحرية على أثر قبض النجوم؛ فإنه محمولٌ ظاهراً على الإخبار عما يقتضيه القبض، فإذا انتقض القبض، تبعه القول المحمول عليه، على المسلك الظاهر، وليس هذا كما لو سئل الزوج عن الطلاق مطلقاً، من غير إشارة إلى واقعةٍ، ولفظةٍ فأقر المسؤول بالطلاق على الإطلاق، ثم رام فيه تأويلاً وحملاً على ظن ادعاه في لفظ خاص ذكره، ولم يقع السؤال عنه، فلا وجه إذاً إلا القطع بالمؤاخذة في مسألة الطلاق.

ولو قال في الكتابة: حرّرتُكَ، أو أعتقتك، وهو يبغي بذلك تحقيق الغرض، لو فرض استحقاق في المقبوض، كالذي يضم سبباً إلى سبب، طالباً تأكيداً، فهذا لا مردّ له، والمولى مؤاخذ به، وإن خرج العوض مستحَقة.


(١) من هنا بدأ السقط مجدداً في (ت ٥) وهو نحو خمس ورقات.