الأداء، قلنا: هذا مُرتَّبٌ على صحة الأداء، وقد ذكرنا تفصيلاً طويلاً في قبض أحد الشريكين، وأوضحنا أن ذلك لو لم يكن بإذن الشريك، لم يصح أصلاً، فإن فرضنا تقديمه بإذن الشريك، ونفذنا ذلك، فيعتق حينئذ نصيبه، وإذا عتق سرى.
ْفإن قيل: هلا قلتم: لا يسري العتق؛ فإنه مجبر على قبول ما يسلّمه المكاتب إليه، وإذا حصل العتق بسبب لا اختيار فيه، فالوجه ألا يسري، كما إذا ورث الرجل النصف من أبيه، وعتق عليه؛ فإن العتق لا يسري إلى الباقي. قلنا: الأداء وإن كان يقترن به الإجبار على القبض، فالسيد بالمكاتبة جر هذا إلى نفسه، فكان كالمختار فيه وهو كما لو قال أحد الشريكين للعبد المشترك: إذا طلعت الشمس، فنصيبي منك حُر، فإذا طلعت عَتَق نصيبه، وسرى كذلك. نعم، لو مات المولى وخلّف وارثَيْن، وصححنا على حسب ما ذكرنا تخصيص أحدهما بحصته، فإذا قبض حصته بإذن صاحبه وعتق، لم يسرِ قولاً واحداً؛ فإنه مجبر على القبض، والكتابة لم تصدر منه، فلا جَرَمَ لم يسر عليه.
ومما يتعلق بتمام البيان في ذلك أن أحدهما إذا قبض حيث يصح القبض، وعتق نصيبه، فإن سرّينا، فلا كلام، وإن لم نُسرِّ، لم تنفسخ الكتابة في الباقي، ولا يخرج هذا على القياس الذي ذكرناه فيه إذا أرَقَّه أحدُهما وأَنْظر الثاني؛ فإن صاحب الإرقاق متمسك بملكه، وضرر التبعيض ينجرُّ عليه، وهذا لا يتحقق فيه إذا عتق نصيب أحدهما، فإنه لا يبقى لمن عَتق نصيبه تعلُّق. وأيضاً؛ فإنا نصحح [عتق](١) من نصفه حر ابتداءً، فجرى التبعيض على هذا الوجه اتتهاء، وهذا واضح لا خفاء به.
الفصل الرابع
في الإقرار والإنكار
١٢٥٦٢ - فلو ادعى العبد المشترك على الشريكين أنهما كاتباه، فإن أقام البينة، فلا كلام، والبينةُ شاهدان عدلان؛ فإن مقصود الكتابة العتقُ، وصفةُ البينة تُتلقَّى من المقصود، وفصل هذه الخصومة بيّن.
(١) زيادة من المحقق، اقتضاها السياق، وسقطت من النسختين.