للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كاتباه جميعاً، واعترفا بالكتابة، فقال المكاتب وَفَّرت عليكما حصتكما، فصدقه أحدهما دون الآخر، فنصيب الجاحد رقيق إذا حلف أنه ما قبض، ونصيب المُقِر عتيق بحكم إقراره، ثم الجاحد بالخيار: إن شاء، رجع على صاحبه بنصف ما اعترف بقبضه؛ فإنه يقول: قد اعترفتَ بقبض هذا المقدار، فو بيننا، وإن أراد أن يطالب المكاتب بتمام نصيبه، فله ذلك؛ فإنه يقول: وضعتَ الحق في غير موضعه، وأنا على طلب حقي منك بكماله.

فإن ناصف صاحبَه، وأخذ منه نصف ما قبضه، فيأخذ من المكاتب باقي حقه [ليتم له نصف النجوم ثم المقرّ لا يرجع على المكاتب بشيء] (١)؛ لأن المكاتب يقول له: ظلمك الشريك، بأن أخذ نصف ما في يدك، فلا ترجع على غير من ظلمك، وإن رجع [بجميع] (٢) حقه على المكاتب، لم يرجع المكاتب على المقر بشيء أيضاً للعلة التي ذكرناها؛ فإن الشريك المقِر يقول للمكاتب: أنت مظلوم من جهة شريكي، فلا ترجع عليّ بما ظلمك به غيري. وهذا بيّن.

ولكن يتصل به كلام في السراية، وهو أن الذي اعترف بقبض حصته ينفذ العتق في حصته، فهل يسري هذا العتق إلى نصيب صاحبه؟ اختلف نص الشافعي. وذكر الأصحاب مسألتين، ونصين مختلفين، والذي تحصّل لنا قولان في السراية: أحدهما - أن العتق يسري لحصوله في حصة المقر، فصار كما لو أنشأ أو أبرأ.

والثاني - لا يحصل السريان؛ فإنا إنما حكمنا بالعتق في حصة المقر تمسكاً بإقراره، وهو أقر بعتق النصيبين، [ولو نفذ] (٣) العتق في نصيب الشريك، لما كان للسريان معنى، فليس في إقراره ما يوجب السراية عليه، ولا ينبغي أن يزيد على موجب إقراره، فعلى هذا يقف العتق على حصته، ويبقى الحكم ببقاء الرق في حصة الشريك.


(١) عبارة الأصل: " ليتم له نصف النجوم عن المقر، ثم لا يرجع على المكاتب بشيء " والمثبت عبارة (ت ٥).
(٢) في الأصل: " فجميع ". والمثبت من (ت ٥).
(٣) في الأصل: " ولم يُفد ".