للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٢٥٧١ - فأما المكاتب إذا استولد جارية، فأتت منه بولد، فلا خلاف أن الولد يتبعه، يعتِق بعتقه، ويرِق برقه، ولا يُخَرَّج فيه قولٌ أنه رقيق للسيد، وليس كولد المكاتبة، والفرق أن هذا الولد ولدته أمتُه المحكوم بأنها ملكُ المكاتب، فيقدَّر كأنها أتت به من نكاح أو سفاح، فيكون حقُّ الملك للمكاتب، وولد [المكاتبة] (١) من نفسها، وهي ما ملكت نفسها، ولو ملكت نفسها، لعَتَقَت.

ثم إنا نقول في ولد المكاتب من أمته: حق الملك فيه للمكاتب قطعاً، ولو اكتسب، فلا يوقف كسبه، بل يصرف إلى المكاتَب؛ ليعمل به ما يعمل بسائر أكساب نفسه وعبيده، تعجيلاً من غير وقف، وهذا واضح بعد ما وقعت الإحاطة بما ذكرناه من أن ولد المكاتب من جاريته في حق الملك كولد جاريته من نكاح أو زناً، غير أنه لا يبيع ولدَ نفسه، فيعتق بعتقه ويرِق برقه، ولو عَتَقَ المكاتب وتبعه ولده في العتق، فصادف في يد ولده فضلَ كسب، كان قد اكتسبه في الكتابة، فهو مصروف إلى الوالد، لا حظ فيه للولد، ولو كان يُصرف إلى الولد إذا عتق، لوُقف له، وهذا لا شك فيه.

ويترتب على ما ذكرنا أن نفقة الولد على المكاتب على كل حال، والجملة أنه بمثابة سائر عبيده، غير أنه يبيع عبيدَه، ولا يبيع ولده، ولا ينفذ فيه عتقُ السيد، كما لا ينفذ عتقه في عبيد المكاتب، وهذا لا خفاء به.

١٢٥٧٢ - وقد ذكر العراقيون مسألة في الجناية، واضطربوا فيها، ونحن ننقل كلامهم على وجهه، قالوا: لو جنى الولد جناية، فتعلقت برقبته، إن كان له كسب، كان له (٢) أن يفديه من كسبه، وإن لم يكن له كسب، باعه في الجناية.

وهذا عندنا غلط ظاهر، وزلة تُفضي إلى هدم أصل المذهب.

والذي قطع به المراوزة أنه لا يملك فداء ولده، وإن كان في كسب ولده ما يفي بالفداء؛ فإن الفداء في معنى الشراء، ولم يختلف الأصحاب في أنه لو صادف ولده


(١) في الأصل: " المكاتب ". والمثبت من (ت ٥).
(٢) الضمير يعود على الأب المكاتب.