للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقيقاً، لم يكن له أن يشتريه؛ فإنه يبذل في شرائه مالاً يملك التصرف [فيه ولا يملك التصرف] (١) في رقبة ولده، فهذا يلتحق بتبرعه، وما ذكروه من جواز الفداء في كسب الولد لا خير فيه، فإن كسب الولد التحق بسائر أموال المكاتب، من جهة أنه يتصرف فيه تصرفه في سائر ماله.

ثم قال العراقيون: إذا جنى ولد المكاتب، ولا كسب، وأراد بيعه في الجناية، فله أن يبيع كله، وإن كانت قيمته تزيد على الأرش، ثم قالوا: يبيعه ويصرف قدر الأرش إلى المجني عليه ويأخذ الباقي، وهذا خطأ أيضاً.

والذي قطع به أئمتنا المراوزة أنه لا يباع [منه] (٢) إلا بقدر الجناية؛ إذ لولا الجناية، لما جاز بيع شيء منه، فليقع البيع على قدر الجناية، وهذا كما أن المرهون إذا جنى، فإنه يباع منه بقدر الجناية، فقد اختلف أجوبة العراقيين في الجناية من ولد المكاتب. واستدوا (٣) في كل ما قدمناه من القواعد.

وهذا نجاز الكلام في ولد المكاتبة والمكاتب.

١٢٥٧٣ - ونحن نختتم ما قدمناه بذكر تحقيقٍ. فنقول: أما ولد المكاتبة، فمأخذ اختلاف القول فيه في الأصول من اختلاف القول في ولد المدبرة؛ من جهة أن الكتابة عرضة للرفع كالتدبير، وليست هي مالكةً لنفسها، حتى يكون ولدها مستفاداً من


(١) زيادة من المحقق اقتضاها السياق، وفي (ت ٥): " فإنه يبذل في شرائه ما لا يملك بالتصرف في ولد رقبته ".
هذا وقد استأنسنا في تعديل العبارة، بصياغة الغزالي في البسيط، حيث قال: " ... فليس له أن يفديه وإن كان للولد كسب، لأنه لا يتصرف في رقبة الولد، ويتصرف في الكسب، فيكون كشرائه" (ر. البسيط: ٦ ص ٤٤٢ مخطوطة مرقمة الصفحات).
وكذلك بعبارة العزّ بن عبد السلام، فقد قال: " ولا خلاف أن المكاتب والمكاتبة لا يشتريان ولدهما، فإنه إبدال ما يجوز التصرف فيه بما لا يقبل التصرف، فإذا جنى ولد المكاتب، لم يملك فداءه، لأن فداءه كشرائه " (الغاية في اختصار النهاية: ٥/ورقة: ٤٥٤ ش).
(٢) في الأصل: " فيه "، والمثبت من (ت ٥).
(٣) كذا في النسختين " استدّوا " أي استقاموا، والمعنى أنهم استدوا في كل ما تقدم من القواعد غير هذه.