ملكها. وولد المكاتب من جاريته في حكم أكساب المكاتب، وإلا فلا وجه لإتباعه إياه في العتق والرق؛ فإن صفة الولد في الرق والحرية تُتَلَقَّى من صفة الأم، والأم رقيقة، فكان ولدها في معناها، غير أن المكاتَب لا يقدر على بيعه.
وقد خرج مما ذكرناه أن الولد لا يكون مكاتباً على التحقيق؛ إذ لا يتعلق به طَلِبةٌ في النجم، وخرج مما مهدناه أن المكاتب لا يشتري ولده (١)، وكذلك المكاتبة لا تشتري ولدَها، لِما أشرنا إليه من أن هذا بذل مال، هو عرضة التصرف في مقابلة ما لا يتأتى التصرف فيه. نعم، لو قبلا الوصيةَ بالولد، أو هبةَ الولد، صح ذلك، ثم يمتنع بيعُه، ولكنهما ينتفعان بكسبه وبأروش الجناية عليه، وسيأتي في هذا فضل بيان عند خوضنا في تبرعات المكاتب.
وخرج مما ذكرناه أن قول العلماء ولد المكاتَب مكاتبٌ عليه محمولٌ على أنه يعتق بعتقه ويرِق برقه، فأما أن تثبت له حقيقة الكتابة فلا.
١٢٥٧٤ - ومما نختتم به الفصل - القولُ في أمية الولد، فنقول: المكاتب إذا أحبل جارية من جواريه بإذن السيد، أو من غير إذنه، فحكم الولد ما قدمناه، فأما الأم، فهل تصير أمّ ولدٍ له؟ فعلى قولين: أحدهما - أنها لا تصير أم ولد؛ لأن الاستيلاد إنما يثبت إذا علقت الأمةُ بولد حر، وهذه علقت بولد رقيق، فهي كسائر الجواري، يتصرف فيها بالبيع، وغيره من الجهات المُنَفَّذة، ئم إذا لم يثبت الاستيلاد في الحال، فلو عَتَق المكاتب، وتلك الجارية في يده، فلا تصير الآن أم ولد أيضاً؛ فإنها علقت برقيق، فصار كما لو نكح الحر أمة، فولدت منه ولداً رقيقاًً، ثم اشتراه الزوج، فلا تصير أم ولد له.
والقول الثاني - أنها تصير أم ولد، فيثبت لها في الحال من الحرمة ما يثبت للولد، فلا يبيعها، ولو عَتَق المكاتب، استقر الاستيلاد فيها، ولو رق وعجز، رقَّت أم الولد، وحرمتها لا تزيد على حرمة الولد.