١٢٥٩٩ - للمكاتب أن يعامل مولاه كما يعامل الأجانب، فيبايعه ويشاريه، ويأخذ الشفعة من مولاه، ويأخذ المولى الشفعة منه، ولو ثبت- له دين على المولى، وثبت للمولى دين عليه، فيتصل هذا الفصل من هذا الموضع بالتقاصّ؛ وقد أحلنا استقصاءه على هذا الكتاب، ونحن نخوض الآن فيه، ونستعين بالله تعالى، وهو خير معين، فنقول:
في غير المكاتب والمولى، إذا ثبت لزيد على عمرو دينٌ، وثبت لعمرو على زيد مثلُه، واتحد الجنس والنوع، وكان الدينان حالّين، ففي التقاصّ أربعة أقوال، نص الشافعي عليها في كتب متفرقة: أحدها - أن التقاص لا يقع، ولو رجعنا به، لم يصح أيضاً؛ فإنه إبدال دين بدين، وهو لو صح على حقائق المعاوضة، وبيع الدين بالدين ممتنع.
والقول الثاني - أن التقاص يصح إذا تراضيا به، ويسقط الدينان، ولا يكون ذلك معاوضة محضة، ولكنه إسقاط دين بإزاء دين، وهو قريب الشبه من الحوالة؛ فإنها ليست معاوضة محضة وإن كان فيها معنى التقابل.
والقول الثالث - أن التقاص يثبت إذا دعا إليه أحدهما، وإن أبى الثاني، وهذا بمثابة ما لو دعا أحد الشريكين إلى قسمة الدار القابلة للقسمة؛ فإن الثاني مجبر على الإجابة، كذلك القول في التقاص.
والقول الرابع - أن الدينين إذا تساويا: قدراً، ونوعاً، وحلولاً، تساقطا من غير احتياج إلى فرض رضاً من أحد الجانبين؛ وذلك لأن أحدهما لو طلب عين ما طلب منه لكان ذلك في حكم العبث الذي لا يجزىء ولا يفيد، والمعاملات الشرعية مبنية على الإفادة.
قال صاحب التقريب: التقاص على الاختلاف الذي ذكرناه يجري في الدراهم والدنانير إذا اتحد النوع، وهل يجري في غيرهما من ذوات الأمثال؟ فعلى وجهين،