وسبب الاختلاف أن ما عدا النقدين قد يظهر التفاوت فيه بعضَ الظهور، ولو أجرينا التقاص في ذوات الأمثال -وهو الأصح- فهل يجري التقاص بين عَرْضين موصوفين في الذمة على قضية واحدة؟ هذا أولاً يستند إلى أن التقاص ليس معاوضةً محضة؛ إذ لو كان معاوضة، لامتنع إجراؤه في المسلم فيه، والعَرْضُ إنما يثبت في الذمة مسلماً فيه أو حالاً محله، وقد ذكرنا في الحوالة على السلم والحوالة به تفصيلاً، والتقاص عندي أبعد من المعاوضة من الحوالة، فإن التقاص تساقط ليس فيه إيفاء واستيفاء.
فإذا حصل التنبيه لما ذكرناه ففي التقاص بين العَرْضَين المتساويين نعتاً ووصفاً وجهان، مرتبان على الوجهين في ذوات الأمثال.
ولا تقاص بين مؤجل وحالّ، ولا بين مكسر وصحاح، وإن فرض منهما تسامح، فليس هذا من التقاص في شيء، وإنما يقع تعاوضاً لو وقع، وذلك ممنوع في الدينين.
ولو فرضنا دينين مؤجلين، فهل يجري التقاص بينهما، ولا طلبة في واحد منهما؟ هذا فيه احتمال عندي، والأوجه إجراء ثلاثة أقوال. فأما القول الرابع -وهو التساقط من غير رضاً- فلست أرى له وجهاً، والأجل عتيد والمَهَل كائن، وليس يبعد جريان هذا القول أيضاً.
وقد نجز ما أردناه في حقيقة التقاص.
فصل
" ولا يكفِّر في شيء من الكفارات إلا بالصوم ... إلى آخره "(١).
١٢٦٠٠ - لا يستقل المكاتب بالتكفير بالمال، كما لا يستقل العبد القن بالتكفير بالمال، وإن ملّكه المولى، وفرّعنا على أن العبد يملك، فلو أذن المولى في التكفير بالإطعام والكُسوة، نفذ ذلك من الرقيق المملَّك على القول القديم، أما المكاتب، فهل يكفِّر بالمال إذا أذن المولى؟ فعلى قولين مبنيين على تبرعاته.