للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد التعجيز إنفاقَه على المماليك، فأفاق المجنون، وأقام البينة على أنه كان أدى النجم، فهل يرجع بما أنفقه؟ قال العراقيون: لا يرجع بما أنفقه؛ فإنه في حكم المتبرع.

ولو ادعى أنه جهل الأداء أو نسيه، وأنفق على تقدير الرق -فالذي قاله ممكن- فهل يملك الرجوع بما أنفق -والحالة هذه-؟ فعلى وجهين، والذي قطع به أئمتنا أنه لا يرجع؛ فإن إنفاقه عليه مطلقاً فمَحْمَلُه الظاهرُ التبرعُ لا غير.

[من عقود العتاقة التي تردد فيها الأصحاب] (١)

١٢٦٢٢ - ذكر الشيخ أبو علي في [شرح] (٢) التلخيص ما يشكل من عقود العتاقة، ويتعلق به تردد الأصحاب.

فمما ذكره أن السيد إذا قال لعبده: بعتك من نفسك بألف درهم، فقال: قبلت، فالمذهب الصحيح أن العقد يصح، ويَعتِق العبدُ بالقبول، والألف يقع في ذمته، وخرّج الربيع قولاً أن ذلك لا يصح ويلغو، ولا يترتب عليه عتق، ولا حكم له أصلاً؛ [فإنه لا يعامل رقيقه بالبيع المحقق] (٣)، وهذا وإن كان له وجه في القياس، فهو مزيف مردود، غير معدود من متن المذهب.

فإذا فرعنا على الأصح -وهو الصحة- فإذا ابتاع نفسه، فالوجهُ تنزيل ذلك منزلة ما لو اشترى الإنسان من يعتِق عليه حتى يخرَّجَ الكلامُ، فإن خيار المجلس هل يثبت؟ وهل يصح فيه شرط الخيار؟ وقد ذكرنا هذا في شراء الإنسان قريبه.

وحكى الشيخ أن الأصحاب خرّجوا عتق العبد على ما إذا اشترى الإنسان عبداً، ثم أعتقه في زمان الخيار. وهذا ذكره ما دام في المجلس، وهو تفريع منه على أضعف


(١) هذا العنوان من وضع المحقق.
(٢) زيادة اقتضاها تصويب الجملة؛ فإن الشيخ أبا علي صاحب شرح التلخيص، وليس التلخيص.
(٣) عبارة الأصل: " فإنه لما قبل رقيقه بالبيع المحقق ". والمثبت من المحقق، رعاية للسياق، واستئناساً بما قاله الغزالي في البسيط، والرافعي في الشرح الكبير، والنووي في الروضة.
وقد حاولنا -كدأبنا- أن نؤدي المعنى بأقل تغييرٍ ممكن في اللفظ الموجود بالأصل.