للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التنحنح مع التطبيق كجرجرة في الحلق، أو قرقرة في التجاويف. ولست أرى الأمر كذلك؛ فإن هذه الأصوات لا تختلف في السمع بالتطبيق والفتح، ومن تنحنح لا يأتي بالحروف الحلقية صريحاً، وإنما هي أصوات تداني الحروف الحلقية، لا يصفها الكتبة ويعرفها من يتأمل. وإذا كان كذلك، فلا فرق بين حالة التطبيق وحالة الفتح.

٩١٣ - ولو قرأ المصلي آيةً أو بعضاً من آية، فأفهم بها كلاماً، مثل أن يقول: "خذها بقوة"، أو يقول -وقد حضر جمع فاستأذنوا-: "ادخلوها بسلام"، فإن لم يخطر له قراءة القرآن، ولكن جرد قصدَه إلى الخطاب، بطلت صلاته.

وإن قصد القراءة، ولم يخطر له إفهامَ أحد، بحيث لو دخلوا لم يُرد دخلوهم من معنى قوله، [فلا شك أن صلاته لا تبطل، وإن قصد قراءة القرآن وقصد إفهامهم] (١)، فالذي قطع به الأئمة أن الصلاة لا تبطل؛ فإنه لا يُجدّ متكلماً، والحالة هذه. وقال أبو حنيفة (٢): تبطل الصلاة بهذا.

٩١٤ - ولو دعا بالفارسية، بطلت صلاته، وكذلك لو أتى بترجمة القرآن. وقد ذكرنا أن ترجمة القرآن لا تقوم مقام القراءة، وخلاف أبي حنيفة مشهور فيه (٣).

ومعتمدنا في وجوب الرجوع إلى الأذكار عند تعذر القراءة، ما روي عن رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فإن كان يحسن شيئاًً من القرآن، قرأ، وإن كان لم يحسن شيئاًً، فليحمد الله وليكبر" (٤).

فهذا تمهيد المذهب فيما يأتي به المصلي من الكلام من غير عذر.


(١) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٢) ر. الهداية مع فتح القدير: ١/ ٣٤٩، تبيين الحقائق: ١/ ١٥٧، حاشية ابن عابدين: ١/ ٤١٧.
(٣) ر. مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٦٠ مسألة ٢١١، رؤوس المسائل: ١٥٧ مسألة: ٦٢، المبسوط: ١/ ٣٧، تبيين الحقائق: ١/ ١٠٩، فتح القدير: ١/ ٢٤٧.
(٤) جزء من حديث المسيء صلاته وقد تقدم.