للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩١٥ - فأما تفصيل القول في المعذور، فنبدأ بالنسيان أولاً، فإذا نسي الرجل كونَه في الصلاة وتعمد الكلام، وهذا هو المعني بكلام الناسي، فهذا غير مبطل للصلاة، خلافاً لأبي حنيفة (١)، والمعتمد فيه من جهة السنة قصة ذي اليدين وهي مذكورة في الخلاف.

ولو كثر الكلام في حالة النسيان، ففي بطلان الصلاة وجهان: أحدهما - وهو القياس أنه لا تبطل الصلاة؛ فإنه لو أبطل الصلاة [كثيرُه، لأبطلها قليلُه، كحالة العمد، والثاني - إذا كثر أبطل الصلاة] (٢) لأمرين: أحدهما - أن هيئة الصلاة تزول بكثرة الكلام، وينقطع نظامها، والثاني - أن الناسي يعذر، لأنه قد يبتلى ببادرة، فأما الكثير، فيبعد تصوير النسيان فيه، فإنه يتنبه أو يُنبّه، وما يقع نادراً لا يعتد به، والصائم إذا أكل ناسياً لصومه فإن قل أكله، لم يبطل صومه، وإن كثر، ففي المسألة وجهان مرتبان على الوجهين في الكلام الكثير مع استمرار النسيان، فإن قلنا: لا تبطل الصلاة، فلأن لا يبطل الصوم أولى، وإن قلنا تبطل الصلاة [ففي الصوم وجهان مرتبان على المعنيين المذكورين في التوجيه، فإن قلنا ببطلان الصلاة] (٣)، لندور النسيان الطويل، فهذا يتحقق في الصوم أيضاً. وإن اعتمدنا في الصلاة الهيئة وانقطاعَ النظام، فهذا لا يتحقق في الصوم؛ فإنه ليس بعبادة ذات نظام، وإنما هو انكفاف عن أمور معروفة.

٩١٦ - ولو تكلّم الرجل جاهلاً بأن الكلام يحرم في الصلاة، وكان قريب عهدٍ بالإسلام، فلا تبطل الصلاة، وجهله يعذره. والأصل فيه الأخبارُ، وقد رويناها في الخلاف (٤).


(١) ر. مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٦٩ مسألة: ٢٢٢، رؤوس المسائل: ١٥٩ مسألة: ٦٤، المبسوط: ١/ ١٧٠، فتح القدير: ١/ ٣٤٤، حاشية ابن عابدين: ١/ ٤١٣.
(٢) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٣) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٤) لم يعرض الإمام لهذه المسألة في الدرة المضية، فلعله ذكرها في كتالب آخر من كتبه في الخلاف.