للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا أدرك ركعة من صلاة المغرب، وقعد مع الإمام في التشهد الأخير، فإذا سلم الإمام، قام المسبوق، وصلى ركعة أخرى، وجلس للتشهد، وهذا تشهده الأول المحسوب، ثم يصلي ركعة ثالثة ويتشهد مرة أخرى، وهذا مطرد واضح.

٩٢٧ - ولكن نقل المزني عن الشافعي أنه قال: إذا أدرك المسبوق الإمام في الركعتين الأخيرتين من الظهر أو العصر أو غيرهما، وصلّى مع الإمام ركعتين، ولما سلّم الإمام، قام ليصلي ركعتين، قال الشافعي: يقرأ في الركعتين اللتين يتداركهما السورة مع الفاتحة؛ فاعترض المزني، وقال: ما يدركه المسبوق أول صلاته على مذهب الشافعي، وما يقضيه من الركعتين آخرُ الصلاة، فلِمَ أمر المسبوق بقراءة السورة في الركعتين الأخيرتين من صلاته؟

فاختلف أئمتنا في الجواب، فقال بعضهم: أجاب الشافعي على استحباب قراءة السورة في كل ركعة، ولو أجاب على تَخْلِية الأخيرتين [عن قراءة السورة، لما أمر المسبوقَ بقراءة السورة، كما ذكره المزني] (١) وهذا غير مرضي عند المحققين؛ فإن فحوى كلام الشافعي دليلٌ على أنه لم يفرع على الأمر بقراءة السورة في كل ركعة؛ فإنه اعتنى بتصوير هذه (٢ الصورة على التخصيص، وأمر فيها بقراءة السورة، فلو كان يأمر بها عموماً، لما كان لاعتنائه لتخصيص هذه الصورة ٢) بالذكر معنى، فالصحيح أنه مع التفريع على اختصاص قراءة السورة بالأوليين يأمر المسبوق في هذه الصورة بقراءة السورة. والسبب فيه أن إمامه لم يقرأ السورة في الركعتين الآخرتين اللتين أدركهما المسبوق حتى يقع وقوفُ المأموم لقراءته واستماعه موقع قراءته في نفسه، فقد فاتته قراءة السورة، فليتداركها في الركعتين المقضيتين، فهو إذن قاضٍ لقراءة السورة، وليس مُقيماً وظيفة الركعتين الأخيرتين.

وهذا يناظر نص الشافعي في الجمعة، حيث قال: إذا ترك الإمام قراءة سورة الجمعة في الركعة الأولى أعادها في الركعة الثانية مع سورة المنافقين.


(١) سقط من الأصل، و (ط).
(٢) ما بين القوسين سقط من (ت ٢).