للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: قد قال الشافعي: لو ترك الطائف الرَّمَل في الأشواط الأُوَل من الطواف، لا يتدارك الرمل في الأشواط الأخيرة، فما الفرق؟ قلنا: المشي على الهينة والسكينة سنة في الأشواط (١ الأخيرة، كما أن الرمل سنة في الأشواط ١) الأول، فلو رمل في الأخيرة، لترك سنة ناجزة لتدارك سنة فائتة، وتركُ القراءة في الركعتين الآخرتين لا نعده من السنن، ولكنه من التخفيف الذي تأكد بالاتباع، فليس ترك قراءة السورة هيئة مقصودة، والمشي والسّكينة في الأشواط الأخيرة هيئة مقصودة مأمور بها. فهذا منتهى الإمكان في الفرق، والاحتمال ظاهر في مسألة المسبوق، كما ذكره المزني وتابعه من تابعه.

فصل

قال: "ويصلي في الجماعة كلَّ صلاة صلاها ... إلى آخره" (٢).

٩٢٨ - من صلى صلاة من الصلوات الخمس منفرداً، ثم أدرك جماعة، استحببنا له أن يعيدها في الجماعة، ولا فرق بين صلاة وصلاة.

وقال أبو حنيفة (٣): يعيد الظهر والعشاء، فأما الصبح، والعصر، والمغرب، فلا يعيدها، وبنى مذهبه في الصبح والعصر على أنهما يستعقبان وقتاً مكروهاً، وعنده أن الصلوات، وإن كان لها أسباب، لا تقام في الأوقات المكروهة، وأما المغرب؛ فإنه لم ير إعادتها؛ لأنها وتر النهار، وإذا أعيدت صارت شفعاً.

وقد ذكر شيخي في درسه وتعليقه وجهاً عن بعض أصحابنا مثلَ مذهب أبي حنيفة، في أنه لا يعيد هذه الصلوات الثلاث، وإن انفرد بها أولاً وأدرك جماعة ثانياً. وهذا لست أعده من المذهب، ولا أعتد به.

فالمذهب القطع بأنه لو انفرد بالصلاة، ثم أدرك جماعة [أعادها، ولا فرق بين صلاة وصلاة.


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) ر. المختصر: ١/ ٢٨٢.
(٣) ر. حاشية ابن عابدين: ١/ ٤٨٠.