للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيام المتكىء أولى من القعود، فلا يجوز الانتقال إلى القعود إلا عند العجز عن صورة القيام، وإذا عجز عن القيام، قعد حينئذ، ولا يجب في القعود هيئة مخصوصة، فلو قعد مفترشاً، أو متوركاً، أو متربعاً، أو مُقْعياً رافعاً ركبتيه، فكل ذلك جائز.

٩٣٢ - ولو قدر على القيام ولكن لا يقدر على الركوع والسجود أصلاً، فيلزمه القيام، ثم يومىء بالركوع والسجود.

وأبو حنيفة (١) يُسقط القيامَ في هذه الصورة، وهذا يدل على أن مذهبه أن القيام ليس ركناً مقصوداً، وهذا ساقط؛ فإنه وإن اعتقده محلاً، فكان يلزمه ليقرأ قائماً.

أما نحن، فنوجب القيام لنفسه وعينه، وإذا لم يتمكن من القيام على هيئة الانتصاب، فَلْيَقُم على انحناء، وليتخِذْ في هذا حديثَ النبي صلى الله عليه وسلم معتمده حيث قال: "إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما اسْتطعْتم" (٢)، ولو كان لا يقدر على الارتفاع من حد الراكعين، فالذي دل عليه كلامُ الأئمة أنه يقعد، ولا يجزئه غيره؛ فإن حد الركوع مفارقٌ لحد القيام وحكمه، وهو أيضاً هيئة ركن في نفسه يخالف هيئة القائمين.

٩٣٣ - ولو عجز عن الانتصاب على قدميه، لكن قدر على الانتهاض على ركبتيه، كان شيخي يتردد في وجوبه، وهو محتمل من جهة أن هذا لا يسمىَ قياماً، والانحناء فوق حد الراكعين يسمى قياماً.

٩٣٤ - فإذا أراد القعود عند العجز عن القيام، فقد اختلف أئمتنا في الهيئة المختارة المطلوبة، فنقل المراوزة نصين: أحدهما - يفترش كما يفترش القاعد في التشهد الأول، والثاني - أنه يتربع، ثم جعلوا ذلك قولين، ووجهوا قول التربع بأنه لو افترش، لالتبس جلوسه في التشهد الأول بقيامه، ونحن نرى الفصل بين التشهدين في


(١) ر. مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٣٢٤ مسألة: ٢٨٨، الهداية مع فتح القدير: ١/ ٤٦٠، حاشية ابن عابدين: ١/ ٢٩٩.
(٢) متفق عليه من حديث أبي هريرة (اللؤلؤ والمرجان: ٢/ ٧٣ ح ٨٤٦).