للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو حنيفة (١): ينبغي أن يكون مستلقياً وأخمصاه إلى القبلة على الهيئة المعتادة في المحتضرين، وصار إلى ذلك بعض أصحابنا، وهذا الخلاف ليس راجعاً إلى الأولى، بخلاف ما فرعنا الآن من هيئة القاعد، بل هو اختلاف فيما يجب، وإنما قلنا ذلك؛ لأن أمر الاستقبال يختلف به اختلافاً ظاهراً.

وفي بعض التصانيف وجة ثالث، وهو أنه يكون على جنبه الأيمن، ولكن أخمصاه إلى القبلة، وهذا غلط غير معتد به. ولست أرى له وجهاً، والأصل فيما ذكرناه حديث رواه من يُعْتَمَدُ في رؤوس (٢) مسائله عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يصلّي المريض قائماً، فإن لم يستطع صلى جالساً، فإن لم يستطع القعود (٣) أومأ، وجعل السجود أخفض من الركوع، فإن لم يستطع صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة وأومأ بطرفه، فإن لم يستطع، صلّى على قفاه مستلقياً، وجعل رجليه مستقبل القبلة" (٤)، فهذا حديث ساقه عليّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب القطع باتخاذه مرجعاً، ثم الاستلقاء وإن كان مذكوراً في الحديث، فهو بعد العجز عن الاضطجاع مع الاستقبال بجميع البدن كما نص عليه، ولكنه على الجملة مذكور.

وفي الاستلقاء معنى لا يبعد تخيله إذا سبق إليه من لم يبلغه الخبر، وهو أن العاجز يومىء بالركوع والسجود، كما سنذكره، فإذا كان مستلقياً، وقع إيماؤه في صوب القبلة، ولا يكون الأمر كذلك إذا أومأ على جنب، (٥ فأما إذا كان على جنب ٥)


(١) ر. بدائع الصنائع: ١/ ١٠٦، مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٥٦ مسألة: ٢٠٦، الهداية مع فتح القدير: ١/ ٤٥٨.
(٢) رؤوس المسائل: لعله اسم كتاب لأحد الأئمة ولم نصل إلى اسم صاحبه.
(٣) كذا في الأصل. وفي ط، و (ت ١)، وفي متن الحديث: "إذا لم يستطع أن يسجد أوْمأ" أما (ت ٢) فقد سقط منها ذكر حالة القعود، وحالة الاستلقاء.
(٤) حديث علي "يصلي المريض قائماً ... " رواه الدارقطني: ٢/ ٤٢ باب صلاة المريض، ومن رعف في صلاته كيف يستخلف. وقد ضعّف الحافظ إسناده. (ر. تلخيص الحبير: ١/ ٢٢٦ ح ٣٣٧).
(٥) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).