للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: "ويقضي المرتد كل ما ترك في الردة ... إلى آخره" (١).

٩٦٣ - من ارتد واستمر، ففاته صلوات في ردته، فيلزمه قضاؤها إذا أسلم، ولو كان قد فاتته صلواتٌ في إسلامه، فارتد، لم يسقط عنه قضاؤها، ولا يخفى مذهب أبي حنيفة (٢) فيها.

وحقيقة مذهبنا أن الردة لا تقطع الخطاب عن المرتد، ولا تخرجه عن التزام أحكام الإسلام، وأبو حنيفة يلحق المرتد بالكافر الأصلي.

ولو ارتدت المرأة، فالصلوات التي تمر عليها مواقيتُها في زمان الحيض لا يلزم قضاؤها إذا أسلمت.

ولو جن المرتد، ثم أفاق وأسلم، فالظاهر من كلام الأصحاب أنه يلزمه قضاء تلك الصلوات، وفرقوا بين الحائض والمجنون، بأن إسقاط الصلاة عن الحائض ليس رخصة، وإنما هي لأن حالها لا يقبل الصلاة.

وكان شيخي يعبر عنه بعبارة رشيقة ويقول: الحائض مكلفة بترك الصلاة، وهذا يتأتى منها في الردة، فكأنها أقامت حكم التكليف في الردة، فلا تدارك له، والمجنون ليس [مُخاطباً بترك الصلاة، وإنما سقط قضاء الصلاة عنه تخفيفاً، والمرتد ليس] (٣) ممن يخفف عنه.

وتمام البيان في ذلك، أن ما ذكروه من إسقاط القضاء في حق الحائض واضح لا شك فيه، وأما إذا جُن المرتد، فيظهر فيه خلاف سيأتي أصله مقرراً في باب صلاة المسافر، وهي أن المعاصي إنما تنافي الرخص إذا كانت في أسباب الرخص


(١) ر. الأم: ١/ ٦١.
(٢) ر. مختصر الطحاوي: ٢٩، مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٣٦٩ مسألة: ٢٧٨، رؤوس المسائل: ١٦٧ مسألة: ٧٠.
(٣) زيادة من (ت ١)، (ت ٢).