للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو حنيفة (١) يقول: يسلم ويسجد بعد السلام.

وقال مالك (٢): إن كان السهو نقصاناً من الصلاة، فإنه يسجد قبل السلام جَبراً لذلك النقصان، وإن كان السهو زيادةً في الصلاة، فإنه يسجد بعد السلام، وهذا قول الشافعي في القديم، ثم لا شك أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالسجود قبل السلام، وصح أنه قال: "ويسجد سجدتين بعد السلام" (٣)، ولا شك في صحة الروايتين، ثم إنه كان مالك حمل إحدى الروايتين على ما إذا كان السهو نقصاناً في الصلاة، وحمل الثانية. على ما إذا كان زيادة في الصلاة.

وقال الشافعي: كان مالك لا يدري (٤) الناسخ من المنسوخ (٥)، وكان آخر ما فعله


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٣٠، مختصر اختلاف العلماء: ١/ ٢٧٤ مسألة: ٢٢٧، بدائع الصنائع: ١/ ١٧٢.
(٢) ر. الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ١/ ٢٧٥ مسألة: ٣٠٠، حاشية الدسوقي: ١/ ٢٧٤، ٢٧٥، حاشية العدوي: ١/ ٢٧٧، ٢٧٨، جواهر الإكليل: ١/ ٦٠.
(٣) سجود السهو قبل السلام ثبث في حديث متفق عليه من حديث عبد الله بن بُحَيْنة (اللؤلؤ والمرجان: ١/ ١١٤ ح ٣٣٥. وأما بعد السلام، فقد ثبت في حديث ذي اليدين، وحديث ابن مسعود، وهما في المتفق عليه (اللؤلؤ والمرجان: ١/ ١١٤ - ١١٥، ح ٣٣٦، ٣٣٧. وانظر تلخيص الحبير: ٢/ ٢ - ٦ ح ٤٦٩، ٤٧٠، ٤٨١).
(٤) بدأ من هنا خرم من نسخة (ت ٢). وهو عبارة عن ورقة بوجهيها.
(٥) نقلُ إمام الحرمين هنا عن الشافعي موهمٌ وغير دقيق؛ فهو يوحي بالعموم وبالقطع، مع أن نص الشافعي -كما سننقله بعد قليل- خاص بالنسخ في سجود السهو بعد السلام، وجاء بأسلوب الاحتمال لا بالقطع؛ إذ قال: "لعل مالكاً"، وتمام عبارته بنصها في كتاب سجود السهو في الأم: "سجود السهو كله عندنا في الزيادة والنقصان قبل السلام، وهو الناسخ والآخِرُ من الأمرين، ولعل مالكاً لم يعلم الناسخ والمنسوخ من هذا" (ر. الأم (الطبعة البولاقية): ١/ ١١٤).
هذا، وباب سجود السهو الموجود في الأم من جمع وترتيب السراج البلقيني، وهذه العبارة المذكورة آنفاً أخذها من جمع الجوامع لأبي سهل بن العِفْريس الذي جمع فيه نصوص الشافعي.
ومما ينبغي تسجيله أننا احتفينا بتحقيق الأخ الدكتور رفعت فوزي لكتاب الأم، ولكن عجبنا أشد العجب حينما وجدناه أسقط باب سجود السهو من هذه الطبعة بحجة لا تُسلّم له، فحرم قراء طبعته من نصوص للشافعي في هذا الباب لن يصلوا إليها، فأين سنجد كتاب جمع =