للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي صلى الله عليه وسلم السجود قبل السلام، وروى عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد قبل السلام وبعد السلام، وكان آخر الأمرين أنه سجد قبل السلام (١)، فهذا كلام الشافعي.

وقد جرى للشافعي تردد في بعض المواضع، لما رأى الأخبار صحيحة في التقديم والتأخير تُشير إلى جواز الأمرين جميعاًً، وهذا يعضده أمر في الأصول، وهو أن فِعلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتضمن الإيجاب عند المحققين، ولكنه يتضمن الجواز والإجزاء، فلئن صح ما ذكره الزهري أنه سجد قبل السلام آخراً، فهذا لا يُعيِّن ذلك، ولا ينفي جواز ما تقدم.

٩٦٩ - فإذا لاح مأخذ الكلام، فنذكر ما تحصل من المذهب: فذكر ذاكرون ثلاثة أقوال: أحدها - وهو الظاهر: أن السجود قبل السلام، وإذا وقع بعده، لم يعتد به.

والثاني - أن الساهي بالخيار إن شاء قدم، وإن شاء أخّر.

والثالث - أنه يفصل بين أن يكون السهو زيادة، وبين أن يكون نقصاناً، وهو المنصوص عليه في القديم، وهو مذهب مالك.

وقال بعض أئمتنا: لا خلاف أنه يُجزىء التقديمُ والتأخير، وإنما التردد في بيان الأوْلى والأفضل، ففي قولٍ نقول: الأفضل التقديم، وفي قول: لا نفضل ولا نفرق ويجوز الأمران جميعاًً، وفي قول: يفصل بين الزيادة والنقصان في الأفضل، لا في الإجزاء؛ فإن الأمرين جميعاًً جائزان مُجزيان في الحالتين جميعاًً.

فهذه طريقة. وتوجيهها صحةُ الأخبار في التقديم والتأخير جميعاًً.

والطريقة المشهورة ردّ التردد إلى الإجزاء والجواز، كما تقدم. [وهذه] (٢) يظهر توجيهها في طريق المعنى؛ فإن السجود إذا وقع في الصلاة، كان زيادة في الصلاة،


= الجوامع لابن العفريس؟ مع أن الباب موجود كاملاً في الطبعة البولاقية.
(١) حديث الزهري، رواه الشافعي، والبيهقي في السنن: ٢/ ٣٤١. وانظر التلخيص: ٢/ ٦، ٧ ح ٤٨١.
(٢) في الأصل، وفي (ط)، وفي (ت ١): وهذا. وفي (ت ٢): سقطت الورقة كاملة.
والمثبت تقدير منا رعاية للسياق. وجاءتنا أخيراً (ل) مثل أخواتها.