للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم من يكتفي بالقيام فاصلاً، فلا شك أنه يمنع الإتيان بذلك عن الجلوس في حال الذكر، وإنما يقيم القيام مقام الجلسة إذا جرى وفاقاً مع النسيان، والسبب فيه أن القيام ركنٌ مقصود في نفسه، فالإتيان به إقدامٌ على زيادة ركن على نظم الصلاة وترتيبها، فيكون كزيادة ركوع أو سجود.

ولو قيل: الجلوس أيضاً يقع في أوانه ركناً، ويقع به الفصل بين السجدتين؟ فالجواب أن القيام يخالف مورد الشرع، ففي الإتيان به إتيان بصورة ركن على خلاف الشرع، والمتَّبع الشرعُ في العبادات، هذا أصل الشافعي في قاعدة العبادات.

فهذا إذا لم يكن جلس عَقِيب السجدة الأولى من الركعة الأولى، فأما إذا كان جلس، ثم قام قبل أن يسجد السجدة الثانية، نُظر: فإن جلس على قصد الفصل بين السجدتين، ثم طرأت غفلة أذهلته عن السجدة الثانية، فقام، فإذا تذكر، وقطع القيام، فلا يجلس، بل يهوي ساجداً؛ فإن الجلوس قد أتى به على وجهه، ثم قام.

وإن جلس على قصد جلسة الاستراحة وقام، فقد أتى بصورة الجلوس، فإن كنا نقيم القيام مقام الجلوس بين السجدتين، فلا كلام، وإن لم نُقمْه مقام الجلوس، ففي الجلوس الذي أتى به على قصد الاستراحة وجهان: أحدهما - أنه كافٍ ولا حاجة إلى الجلوس عند العود.

والثاني - أنه لابد من الجلوس؛ فإن الجلوَس الذي أتى به قبل السهو نوى به إقامة السنة، والفرض لا يتأدى بقصد السنة، وهذان الوجهان كالوجهين فيما إذا أغفل المتوضىء لمعةً من وجهه في الغسلة الأولى، ثم تداركها في الغسلة الثانية، وقصد بالغسلة الثانية إقامةَ السنة، ففي سقوط الفرض عن اللمعة التي أغفلها وجهان، تقدم ذكرهما في الطهارة.

ولو ترك سجدة من الركعة الأولى، وقام إلى الركعة الثانية، ثم تذكر بعدما انتهى إلى الركوع، فإنه يقطع الركوع ويهوي منه إلى السجود، كما تقدم، ثم التفصيل في القعود كما تقدم.