للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

١٠٠٧ - يجمع مجامع الكلام فيما يقتضي سجود السهو، فنذكر ما رسمه أئمة المذهب في التقسيم، ثم نذكر حقيقةً تُطلع الناظرَ على سرّ الفصل إن شاء الله تعالى.

قال الأئمة: سجود السهو يتعلق بترك مأمور به، وارتكاب منهي عنه: فأما المأمور به الذي يتعلق به سجود السهو، فلا شك أن من ترك ركناً من صلاته، لم ينجبر ما تركه بسجود السهو، ولا بد من تدارك ما تركه؛ فإذاً لا يتعلق السجود إلا بترك بعض السنن، ولا خلاف أنه لا يتعلق بترك جميعها، وإنما يتعلق ببعضها.

فالسنن التي يتعلق السجود بتركها: الجلوسُ للتشهد الأول، والقنوت في صلاة الصبح، وإن عُدَّ الوقوف للقنوت، ثم ذُكر القنوت لم يبعد، والصلاة على الرسول في التشهد الأول مختلف فيه، كما مضى في باب صفة الصلاة، فإن لم نرها، فلا كلام، وإن أمرنا بها، فهي من الأبعاض التي يتعلق السجود بها، والصلاة على الآل مختلف فيها أيضاً، ثم إن اعتبرناها، وأمرنا بها، يتعلق بتركها سجود السهو.

ثم سمى الأئمة هذه المأمورات أبعاضاً، ولست أرى في هذه التسمية توقيفاً شرعياً، ولعل معناها أن الفقهاء قالوا: يتعلق السجود ببعض السنن، ثم قالوا: هذه السنن هي الأبعاض التي يتعلق بها السجود، والأبعاض تنطلق على الأقل، وما يتعلق به سجود السهو أقل مما لا يتعلق به السجود من السنن.

ثم من أثبت التشهد الأول سنة، ولم يقض بكونه فرضاً، مجمعون على تعلق سجود السهو به، وكذلك من رأى القنوت مأموراً به، رآه من الأبعاض التي يتعلق بتركها السجود.

وأبو حنيفة (١) لمّا أثبت القنوت في الوتر، علق بتركه السجود، كذلك من رأى القنوت في صلاة الصبح، وفي ذلك آثار عن جهة (٢) الصحابة.


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٣٠، بد ائع الصنائع: ١/ ١٦٧، حاشية ابن عابدين: ١/ ٣١٥.
(٢) في (ل): "جلّة".