١٠١٠ - فهذه طريقة مشهورة للأئمة، ثم إنا نستتمها ونخوض بعد نجازها في طريقة أخرى.
قال العلماء: القَوْمةُ عن الركوع قصيرة، لا تطويل فيها، إلا القومة التي شُرع القنوت فيها، وكذلك القَوْمةُ عن الركوع في صلاة التسبيح مطولة بالتسبيح، وقد صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (١)، والقيام، والركوع، والسجود، والقعود، والتشهد، كل ذلك طويل. والقعود بين السجدتين مختلف فيه، فالذي ذهب إليه الجمهور، وهو اختيار ابن سريج أنه من الأركان الطويلة، بخلاف القيام عن الركوع، وقال الشيخ أبو علي: هو عندي كالقيام عن الركوع؛ فإن الظاهر أنه مشروع للفصل بين السجدتين، كما أن الاعتدال عن الركوع مشروع للفصل. وهذا الذي ذكره في شرح التلخيص، وهو منقاس حسن، وظاهر قول الأئمة يخالفه.
فهذه طريقة ظاهرة سردناها على وجهها، ومغزاها ربط الجبران في حالة السهو بالبطلان في حالة العمد، وفاقاً، وخلافاً، في النفي والإثبات جميعاًً.
١٠١١ - وذكر بعض الأئمة مسلكاً آخر حسناً، وهو حقيقة الفصل عندي، فقال: من قرأ التشهد في قيامه، أو الفاتحة في تشهده عمداً، لم تبطل صلاته وجهاً واحداً، وفي اقتضاء ذلك سجود السهو عند السهو وجهان مشهوران، وقد ذكر بعض أئمتنا: أن من قرأ الفاتحة، أو بعضاً منها في قيامه من الركوع عمداً، لا تبطل صلاته أيضاً.
١٠١٢ - والآن ازدحمت المسائل واختلاف الطرق، فالوجه ذكر ما قيل، ثم اختتام الفصل بترجمة تضبط الطرق.
فأقول أولاً: المصير إلى بطلان الصلاة على من تعمد، فقرأ التشهد في القيام، أو الفاتحة في التشهد بعيدٌ عن القانون، وسبيل الكلام أن نقول: قد قدمنا أن من قرأ
(١) صلاة التسبيح، ورد فيها أكثر من حديث مختلف في صحتها، ما بين ذكر حديثها في الموضوعات، كصنيع ابن الجوزي، وبين تصنيف جزء في تصحيحها كصنيع أبي موسى المديني، بل اختلف فيها كلام إمام واحد من أئمة الفقه والحديث كصنيع الإمام النووي. (ر. التلخيص: ٢/ ٧، ح ٤٨٢).