للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفاتحة مرتين قصداً في القيام، لم تبطل صلاته، وعُدَّ مصير أبي الوليد النيسابوري في ذلك إلى البطلان من هفواته، وعندي أن المصير إلى بطلان الصلاة بسبب قراءة التشهد على وجه التعمد في القيام، أو القراءة في القعود، قريب من مذهب أبي الوليد في الفاتحة؛ فإن قراءة الفاتحة ركنٌ، فإذا [زيدت وأُعيدت] (١)، لم يجعلها الأئمة كزيادة ركوع أو سجود.

وأما ما حكيته من أن تطويل القيام عن الركوع لا يُبطل الصلاة عند بعض الأصحاب، فالنقل فيه صحيح، ولكن القول فيه يتعلق بترك الموالاة في الصلاة، وهذا أوان بيانه، فأقول:

١٠١٣ - ظاهر المذهب أن تطويل الاعتدال عن الركوع غيرُ سائغ؛ فإنه لو ساغ، لم يكن لمصير الأصحاب إلى أن الموالاة شرط في الصلاة معنى؛ فإن الأركان الطويلة إذا كانت تقبل التطويل من غير رعاية [ضبطٍ في ذلك وحدّ، فلا يستقر في رعاية] (٢) الموالاة كلامٌ، إلا في الاعتدال عن الركوع، وكان السرّ فيه أنه غير مقصود في نفسه، وأن الغرض منه -وإن كان فرضاً- الفصلُ بين الركوع والسجود، فينبغي ألا يطول الفصل فيما لا يقصد به إلا الفصل، فإن تطويلَه تركٌ لوِلاء الأركان في الصلاة. فمن قال: تطويلة لا يبطل الصلاة أصلاً، فلا يبقى عنده للوِلاء في الصلاة معنى.

والجلسة بين السجدتين عدها الأكثرون من الأركان المقصودة، فهي مطولة إذن، وقال الشيخ أبو علي: هي كالاعتدال من الركوع.

١٠١٤ - وقد قدمنا خلافاً في تطويل الاعتدال عن الركوع من غير نقل ركنٍ إليه، ونحن الآن نزيد طريقة أخرى، صح عندنا النقل فيها، فحاصل القول أن في تطويل قَوْمة الاعتدال عن الركوع أوجه: قال قائلون: عمد التطويل مبطل إلا في محل القنوت، وصلاة التسبيح؛ فإنه تَرْكٌ للوِلاء، والموالاة لا بد منها في الصلاة، والتطويل المجرّد عند هذا القائل من المبطلات.


(١) في الأصل، (ط)، (ت ١): ارتدّت، واعتدت.
(٢) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).