للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القضاء، وإن وقع ذلك خطأً؛ فإن هذا الشخص لا يخفى حاله، والنفوس مجبولة على إشاعة الأعاجيب، وإن حرص الحارصون على كتمانها. وألحق صاحبُ التقريب هذه الحالة بالجنابة والحدث؛ من حيث إنها تخفى، ورد عليه الكافة ما قاله لما ذكرناه.

ولو اقتدى بالرجل، ثم تبين له أنه كان على بدنه أو ثيابه نجاسة خفية، فهذا كالحدث والجنابة، وإن كان عليه نجاسة ظاهرة لا تكاد تخفى، ولكن لم يتفق تأملها، ثم لاحت بعد الصلاة مثلاً، فهذا فيه احتمال عندي؛ فإنها من جنس ما يخفى بندور الظهور وعدم الاطلاع فيه، فشابه هذا الكفرَ الذي يُستتر به غالباً، وقد ذكرنا الخلاف فيه.

١٠٤٩ - ولو طرأ حدث على الإمام، وبطلت صلاته، لم تبطل صلاة المقتدي عندنا، بل ينفرد ببقية صلاته، وأبو حنيفة يبطل صلاة المقتدي بطريان بطلان صلاة الإمام.

فصل

١٠٥٠ - دم البراغيث وما يسيل من دماء البثرات، يتطرق العفو إليه على الجملة، فنذكر ما يتعلق بذلك، ثم نذكر قاعدة المذهب فيما عداه من النجاسات.

فما يخرج من بثرة ببدن الإنسان، أو يتصل به من دماء البراغيث. والبراغيثُ والبقُّ والبعوضُ لا دماء لها في أنفسها ولكنها تقرُص، وتمص الدم، ثم قد تمجها (١)، فهو المعنيُّ بدم البراغيث، فإذن القليلُ من ذلك معفو عنه، إذا لم يمكن التحرز والتصون عنه، وهو مما تعم به البلوى، فيتطرق العفو إليه، ثم يتحقق فيما يقل منه شيئان:


(١) "تمجها": كذا في جميع النسخ بتأنيث الضمير؛ فالأصل: "قد تمجه" ولكن جاء الضمير هنا مؤنثاً على خلاف الأصل، وهو وارد وعليه شواهد، منها ما جاء في صحيح البخاري: " أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة، فخيرٌ تقدمونها إليها " بتأنيث الضمير العائد إلى لفظ (خير). وانظر (شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح: ١٤٣).