للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجوب إعادة الصلاة اعتباراً بالمحدِث، ولا خلاف أن من صلّى ظاناً أنه متطهر، ثم تبين له أنه كان محدثاً يلزمه إعادة الصلاة، ونص في القديم على أن النسيان عذر في النجاسة؛ فإن العفو إليها أسرع منه إلى الحدث، ولا يمكن إنكار ذلك، ولا يبعد أن يعتقد النسيان من المعاذير.

١٠٥٩ - ولو علم الرجل أن به نجاسة، ثم نسيها، فقد ذكر الأئمة فيه طريقين: أحدهما - القطعُ بأنه لا يعفى عنه. والآخر: تخريج العفو على القولين، كما إذا لم يكن عَلِمه أصلاً.

وقال مالك: إن تذكر وعلم ما به من نجاسة، ووقتُ الصلاة قائم بعدُ، قضى، وإن خرج عن الوقت، لم يقض. وقد تحققت من أئمة مذهبه أن مالكاً مهما قال ذلك فليس يوجب الإعادة في الوقت، وإنما يستحبها (١).

واحتج الشافعي في القديم بما رواه أبو سعيد الخدري رحمه الله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي لابساً نعله، فخلع في الصلاة نعله، فخلع الناس نعالَهم، ثم قال: أخبرني جبريل عليه السلام أن على نعلك شيئاًً" (٢)، ووجه الدليل من بقائه على صلاته، وما كان على علم حتى أخبره جبريل عليه السلام، وقد يمكن أن يقال: لم تكن نجاسة، وإنما كان بلغماً أو غيره مما يليق بالمروءة التحرز عنه.

فرع:

١٠٦٠ - لو وقعت لطخة من بثرة، وقلّت فقد تمهد العفو، ولو اعتمد الرجل إخراج شيء منها ولكنه قليل، ففيه احتمال من طريق المعنى، والظاهر العفو لما روي: "أن ابن عمر حك بثرة بوجهه، فخرج منها شيء، فدلكه بين إصبعيه وصلى" (٣)


(١) ر. جواهر الإكليل: ١/ ١١، وحاشية الدسوقي: ١/ ٦٨، وشرح زروق: ١/ ٩٤.
(٢) حديث أبي سعيد الخدري: رواه أبو داود، وأحمد، والحاكم، وابن خزيمة، وابن حبان، ورواه الحاكم أيضاً من حديث أنس وابن مسعود، ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس.
(ر. أبو داود: الصلاة، باب الصلاة في النعل، ح ٦٥٠، أحمد: ٣/ ٢٠، ٩٢، الحاكم: ١/ ٢٦٠، ١٣٩، ابن خزيمة: ١٠١٧، الدارقطني: ١/ ٣٩٩، تلخيص الحبير: ١/ ٢٧٨ ح ٤٣٦).
(٣) حديث ابن عمر: رواه الشافعي، وابن أبي شيبة في مصنفه، والبيهقي، وعلقه البخاري.
(ر. البخاري: الوضوء، باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر =