للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونُصلي فيه" (١) فدل على أن ما يبقى من أثر اللون اللاصق معفو عنه.

فأما الرائحة إذا كانت ذكية (٢) بحيث يعسر إزالتها كرائحة الخمر العتيقة، وبول المبَرْسم (٣)، وما أشبههما، فإذا بقيت مع الإمعان في الغسل، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن بقاءها كبقاء الطعم.

والثاني - أنها كاللون.

ومما يجب التنبيه له أن رائحة الشيء الذكي الرائحة قد تبقى في فضاء بيت، فإن الخمر الذكية (٤) إذا نقل ظرفها من بيت، وما رشح شيء منها، فقد يبقى رائحتها في فضاء البيت أياماً، فلا اعتبار بمثل هذا، والذي هو في محل القولين أن الخمر إذا أصابت أرضاً، أو ثوباً، ثم غسل، وكان المحل بحيث لو اشتم، لأدركت الرائحة منه، فهذا محل القولين.

فأما إذا كانت الرائحة لا تدرك من المحل، وإنما تدرك من هواء البقعة، فلا خلاف في حصول الطهارة.

فهذا تفصيل إزالة النجاسة العينية.

١٠٦٨ - وأما النجاسة الحكمية التي لا تبين عينها، ففي الحديث أن محلّها يُغسل ثلاثاً، ثم أجمع أصحابنا على أن رعاية العدد فيها لا تجب، ويكفي مرور الماء على مورد النجاسة مرةً واحدة، والزيادة احتياطٌ، والسبب فيه أن ما لطف حتى لا يظهر له


(١) هذا الأثر عن عائشة رواه الدارمي عن معاذة عن عائشة أنها قالت: إذا غسلت الدمَ فلم يذهب، فلتغيره بصفرة أو زعفران، ورواه أبو داود بلفظ: "قلت لعائشة في دم الحائض يصيب الثوب، قالت: تغسله، فإن لم يذهب أثره، فلتغيره بشيء من صفرة" (ر. أبو داود: الطهارة، باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها، ح ٣٥٧، الدارمي: ح ١٠١١، التلخيص: ١/ ٣٦ ح ٢٧).
(٢) ذكت الريح: فاحت وانتشرت. (طيبة كانت أو منتنة).
(٣) "المبرْسَم": الذي أصابه البرسام، والبرسام داء يسمى أيضاً: "ذات الجنب"، وهو التهاب في الغشاء المحيط بالرئة. (المعجم).
(٤) أي الشديدة الرائحة.