للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لونٌ، ولا طعم، ولا رائحة، [ولا جرم، فمرور الماء عليه بمثابة زوال اللون والطعم والرائحة] (١) من النجاسات العينية.

ثم لا يخفى على الفطن أنه إذا زالت الصفات، فقد يبقى للظن والتجويز مجال في بقاء شيء خفي على إدراك الحواس، ولكن لا مبالاة به.

١٠٦٩ - والذي يطلقه الفقيه من أن النجاسة زالت يقيناً كلام فيه تساهل، واليقين الحقيقي ليس شرطاً، وإنما المرعيُّ زوالُ ما نُحسُّه من الصفات.

١٠٧٠ - ثم قد ذكرنا الإمعان، ونعني به الجريان على المعتاد في قصد إزالة النجاسة من غير انتهاءٍ إلى المشقة الظاهرة، ولا اكتفاءٍ بالغسل القريب.

ولما سألت أسماء بنت أبي بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوبَ، فقال عليه السلام: "حُتِّيه، ثم اقرُصيه، ثم اغسليه بالماء" (٢) استفدنا أمرين: أحدهما - التسبب إلى الإزالة بالحت والقرص، فليعتمد الغاسل من هذا الفن ما يُعين على الإزالة، كالتخليل والدلك بالماء. والفائدةُ الأخرى أنه نص على الماء، فأشعر بأنه لا يجب استعمال غيره.

١٠٧١ - ثم في هذا ضبط وتقريب عندي.

فأقول: ليدم الغسلُ إلى زوال الطعم وإلى زوال الرائحة من مورد النجاسة على الأصح، فيبقى النظر في اللون، والوجه فيه أنه إن كان سهلَ الإزالة فَلْيُزَل، وإن كان اللون قائماً لا يزول إلا على طول الزمن، فالمعتبر فيه النظر إلى الغُسالة، فما دامت تنفصل متلونة، فهي تقطع من أعيان النجاسة، وإذا انفصلت صافية مع إمعانٍ وتحامل، فهذا كافي، والأثر الباقي معفوّ عنه.


(١) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٢) حديث أسماء متفق عليه، بلفظ: أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم .. فقال: "تحته ثم تقرصه بالماء، وتنضحه، ثم تصلي فيه" (اللؤلؤ والمرجان: ١/ ٦٥ ح ١٦١) وأما رواية: أن أسماء هي السائلة على نحو ما ساقه إمامنا، فهي أيضاً صحيحة، رواها الشافعي، وتعقب الحافظُ النووي وابنَ الصلاح في تضعيفهم إياها قائلاً: بل إسنادها في غاية الصحة. والذين ضعفوها هم الغالطون. (ر. الأم: ١/ ٥٨، التلخيص: ١/ ٣٥ ح ٢٦).