للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا فيه نظر؛ فإن الثوب إذا صبغ بصبغ نجس، فالصبّاغون لا يحسنون تعقيد الصبغ حتى لا ينفصل في هذه الديار (١)، فربما لا ينقطع انصباغ الغُسالات عن الثوب المصبوغ ما بقي منه سِلْك (٢)، فتكليف ما ذكرناه، عسر جداً في ذلك، ومن يُحسن عقدَ الصبغ، فسبب عدم انفصاله انعقاده، وإلا فالثوب كان قبل الصبغ على وزنٍ، وهو مصبوغاً أكثر وزناً، وإن كان الصبغ معقوداً.

وهذا فيه نظر، ويظهر عندي اجتناب مثل هذا الثوب إذا كان الصبغ نجساً؛ فإن العين مستيقنةٌ حساً، والذي ذكره الأصحاب من المعفو عند الأثر أراه فيه إذا لم يُقدّر له وزن، ويسبق السابق إلى أنه لون بلا عين، وإن كان ذلك غير ممكن، ولكن الشرع مبناه على ظواهر الأمور، والله أعلم.

وقد قال صاحب التلخيص: إن بقي لون النجاسة أو طعمها، فالنجاسة باقية، وفي الرائحة قولان، وهذا مأخوذ عليه باتفاق الأصحاب، فاللون على التفصيل لا يضر بقاؤه قولاً واحداً، وحديث عائشة نص قاطع في الرد عليه.

فصل

يجمع النجاسات بأنواعها

١٠٧٢ - إذا أردنا ضبط القول في النجاسات، ذكرنا تقسيماً يجمع شتات [النظر] (٣)، وقلنا: ننظر في الجمادات التي ليست خارجة مِن حيوان، ثم ذكرنا الحيوانات، ثم ذكرنا الميتات، ثم نذكر ما يخرج من الحيوانات.

فأما الجمادات في القسم الأول، فكلها طاهرة إلا الخمر؛ فإن الشرع نجّسها؛ تأكيداً لاجتنابها، وزجراً عن مخامرتها، وذكر الشيخ أبو علي في المثلَّث (٤) المسكر


(١) يعيب الإمامُ صناعة الصبغ في بلاده في ذلك الزمان.
(٢) السلْك: الخيط (المعجم).
(٣) زيادة من (ت ١).
(٤) المثلّث: شرابٌ، وسمي كذلك، لأنه طبخ حتى ذهب ثلثاه. (المعجم).