للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استحجر، ولا يتغلغل الماء إلى أجزائه الباطنة، بخلاف اللَّبِن الذي عجن بماء نجس، ثم صُب عليه الماء، فنفذ؛ فإن هذا ينزل منزلة الأرض النجسة يُصبُّ عليها الماء كما تقدم، فإذا تبين أن باطن الآجُر لا يطهر، حيث انتهى التفريع إليه، فهل يطهر ظاهره إذا أفيض الماء عليه حتى تصح الصلاة عليه؟ قال القفال: يطهر ظاهره؛ فإن الماء يصل إليه، وقال الشيخ أبو حامد: لا يطهر؛ فإنه صار بتأثير النار مستحجراً، فلا يؤثر صب الماء في قلع شيء منه، فلا تزول نجاسة ظاهره بجريان الماء عليه.

والأمر في ذلك مفصل عندي: فإن كانت نجاسة الآجر بسبب أنه عُجن ببول أو ماء نجس، فالوجه القطع بأنه يطهر من ظاهره؛ فإن النار قد سلبت الماء، وطيرته قطعاً، ولكنا في التفريع على الجديد لا نحكم بطهارته تعبُّداً، حتى يستعملَ الماء، فإذا جرى الماءُ على ظاهره، فلا يبقى بعد ذلك عذر.

فأما إن كان سببُ نجاسة الآجر أنه كان خُلط ترابه بالزبل أو الرماد النجس -على الجديد- فلا يطهر ظاهرُه بصب الماء عليه؛ فإن تلك الأعيان مستحجرة لا يزيلها الماء من ظاهر الآجر.

وهذا التفصيل لا بد منه، فإن كان أبو حامد يخالف في طهارة ظاهر الآجرّ وسببُ نجاسته ماءٌ نجس، فلا وجه لخلافه، وإن كان القفال يقول في الآجر الذي سبب نجاسته الزبل والرماد النجس: إنه يطهر ظاهره، فلا وجه لقوله. وإن كانا يُفصِّلان، فلا خلاف بينهما إذاً.

هذا تفصيل القول في الأسباب التي تُزيل حكمَ النجاسة، على الوفاق والخلاف.

فصل

قال: "والبساط كالأرض ... إلى آخره" الفصل (١)

١١٠٧ - ذكرنا فيما تقدم تقاسيمَ القول في النجاسات، ثم ذكرنا بعدها ما يزيلها، ومضمون هذا الفصل ما يجب التوقي عنه في البدن، والثوب، والمصلَّى.


(١) ر. المختصر: ١/ ٩٦.